الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله.
وقال ابن القيم تعليقا على هذا القول: قد تضمن هذان الاجماعان اطراح المتعصب بالهوى، والمقلد الأعمى من زمرة العلماء وأسقطوهما باستكمال من فوقهما الفروض من وراثة الأنبياء.
وقال الأصفهاني في كتابه (أطباق الذهب) (1) مثل المقلد بين يدي المحقق، مثل الضرير بين يدي البصير المحدق، ومثل الحكيم والحشوي كالميتة والمشوي.
أقنعه رواية الرواية عن در الدراية، وما أشقى جهالا قلدوا آباءهم فهم على آثارهم مقتدون، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون!
وقال العلماء: المقلدون للمذاهب (2) المتعصبون لها لا يعدون من العلماء حقيقة وإن عدوا عرفا.
وكان السلف يعبرون عن المقلد بالجاهل مهما اشتغل بالعلم، لان العالم من كان مستقلا في فهمه للعلم واستدلاله على مسائله، وسئل بعض العارفين عن معنى الذهب، فأجاب أن معناه دين مبدل (3).
والحشويون سموا بذلك لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها، في الأحاديث المروية عن رسول الله.
وهنا نقف عن المضي في الكلام عن هذا الكتيب وبحسبنا ما قدمناه في نقده، وهو كاف في بيان قيمته العلمية، وفى تعريف الناس بمبلغ الذين ألفوه من العلم، ومقدار حظهم في النقد والفهم، ثم ندع للعلماء المحققين بعد ذلك الحكم فيما بيننا وبينهم، وغفر الله لنا ولهم أجمعين.