ولو أنهم كانوا على شئ من العلم والفهم، واصطنعوا أناة العقلاء، وتحقيق العلماء، وأصول النقد العلمي، والتفتوا وراءهم قليلا، لوجدوا أن هذه الهنات التي استلبوها من هذا السباعي، ثم هللوا بها وكبروا، وقذفونا من أجلها بما قذفوا، وعلى أساسها بنوا حكمهم علينا (بالفسق) قد صححت هي وغيرها من سائر الهنات التي وقعت في الطبعة الأولى، لا لان السباعي هذا قد لاحظها، ولكن لأننا قد عثرنا عليها لما قرأنا الكتاب بعد طبعه! ولم يكن هذا التصحيح مرة واحدة بل مرتين اثنتين في طبعتين متواليتين صدرتا من كتاب (شيخ المضيرة) إحداهما في سنة 1963 والأخرى في سنة 1964 أي قبل ظهور كتيب، مشايخنا ببضع سنين!
وهذه والله وحدها لآية أخرى بينة تدل دلالة واضحة على أنهم قوم لا يفقهون من أمر النقد شيئا.
ولو أن مشايخنا كانوا على شئ من معرفة أصول الدين وحقائق العلم لنأوا بأنفسهم عن الكلام في هذه الهنات لأنها في نفسها - حتى لو بقيت بغير تصحيح لا تمس الدين ولا العلم في شئ.. وليس في إتيانها أي وزر أو ذنب.
ومن التهم التي نقلها شيوخنا عن شيخهم السباعي هذا بغير فهم ولا إدراك، أننا بكتابنا الأضواء إنما نخدم المستشرقين، بما نطلعهم على خفايا الدين التي لا يعرفها أحد من غير المسلمين! كأنهم يستعلنون بذلك أن الدين الاسلامي وتاريخه وكتبه، كل ذلك محجوب علمه عمن ليسوا بمسلمين، وأن هؤلاء المستشرفين كانوا عن ذلك كله من الغافلين الجاهلين، حتى أتاهم كتابنا فكشف لهم الغطاء عن المكنون من أسرارنا، والمخفي من ديننا، فعرفوا منه ما لم يكونوا يعرفون! وهذا والله هو الجهل والغباء بعينه.
ولقد وقع في هذه الجهالة أخيرا الشيخ محمد أبو شهبة علامة الأزهر في كتابه الذي سنتكلم عنه فيما بعد، فقال مثل قولهم!
ألا فليعلم شيوخنا - سلمت عقولهم - أن المستشرفين إنما يعرفون من أمر الاسلام وتاريخه ما لو عرفتم أنتم بعضه لكنتم من العلماء المحققين.