مقدمة الطبعة الثانية ما كنت أظن - عندما ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب - أنه سينال من إقبال القراء عليه، ورضاهم عنه، وتقديرهم إياه، مثل ما نال، والحمد لله.
ذلك أنه لم يكد ينقضي على ظهوره زمن قليل حتى انتشر بين الارجاء ونفدت نسخه كلها، مما دعا إلى إعادة طبعه.
وقد رأيت قبل تقديمه للطبعة الثانية أن ألقى عليه نظرة طويلة لكي أراجعه مراجعة دقيقة، وما إن قرأته حتى استبان لي أنه يحتاج إلى تنقيح في بعض مواضيعه، وإلى تفصيل أو إيضاح في مواضيع أخرى.
- من ذلك أمر إقصاء النبي صلى الله عليه وآله لأبي هريرة عن المدينة إلى البحرين ولما يقض فيها إلا عاما وبعض عام! مما لم يفعل بغيره من الصحابة جميعا!
فقد أوردنا هذا الامر المهم بغير أن نبين علله ودواعيه.
- ومن ذلك أمر ضرب عمر له ونهيه إياه عن رواية الحديث، وكيف يقصده وحده بهذا الضرب وهذا النهى، على حين أن أبا هريرة قد زعم أن النبي صلى الله عليه وآله قد آثره من دون الصحابة كلهم (بالثوب والأجربة) (1) وأنه - كما افترى ناعق جهول ظهر في هذه الأيام - قد أسلم منذ أول البعثة المحمدية وهو في بلاده (اليمن) ثم كان يتتبع أخبار النبي صلى الله عليه وآله وهو بمكة ويعلم ما كان ينزل عليه من وحى وغيره، إلى أن قدم عليه بعد وقعة خيبر!
وثم أمر اقتضى لخطره أن نبينه ونفصل القول فيه، لان تاريخ أبي هريرة لا يعرف إلا منه ولا يتم إلا به، ذلك أنه - كما ثبت - لم يبد نجمه المنطفي، ولم يظهر شخصه المختفي، إلا في العهد الأموي، الذي استظل بظله، وبلغ