برهان على صحته - كما قال تعالى: " قل هاتوا برهانكم، إن كنتم صادقين وإن برهان هذا الادعاء أن يأتي مصداقه بالفعل الثابت لا بالكلام الذي لا حقيقة له ولا جدوى منه! ذلك بأن يرى الناس بأعينهم ما كتب في العهد المدني، ويقفوا على رصيده أو حصيده منشورا عليهم لكي يتبعوه، ويذروا غيره! من مصادر الحديث الموجودة بين أيدي المسلمين، وهي كثيرة لا عداد لها!
ومن وراء ذلك كله دليل قوى يثبت أن النهى قد جاء الامر به وهو بالمدينة لا بمكة، وهذا دليل لا يعقله إلا العالمون، ذلك أن الحديث الذي حمل نهى النبي صلى الله عليه وآله عن كتابة غير القرآن قد رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله واتبعه الصحابة جميعا وعملوا به - هو أنصاري خزرجي مدني، لا قرشي مكي (1)!!
أفهمت يا مولانا! أما الشطر الآخر من شطحة مولانا الشيخ الذي زعم فيه أن النبي صلى الله عليه وآله قد أباح كتابة الحديث في العهد المدني فهذا لا ندفعه ولا نماري فيه - وكل ما نطلبه، أنه لكي يتبين صحته، ويبدو صوابه أن نرى كما قلنا مصداقه بالحس والعيان، لا بالزعم والبهتان، وذلك فيما كتب من الأحاديث في هذا العهد فليأتوا لنا به إن كانوا صادقين!
هذا هو البرهان الصحيح - وما عداه يكون لغوا لا خير فيه. ولا يعول عليه.
ومن المعلوم الذي لا ريب فيه أنه صلى الله عليه وآله قد قضى بالمدينة عشرة أعوام كاملة أي نحو 3500 يوم فلو أنه صلوات الله عليه قد صدر عنه في كل يوم ثلاثة أحاديث فقط لجاءنا من ذلك مصحف ضخم يحتوي على أكثر من عشرة آلاف حديث تكون كلها، لا ريب، صحيحة متواترة لفظا ومعنى، ويكون هذا المقدار أو نصفه أجدى وأنفع للمسلمين من هذه السبعمائة ألف حديث التي قالوا: إنها رويت عن النبي صلى الله عليه وآله وإن أبا زرعه قد حفظها، ولرجع المسلمون كافة إليها في مشارق الأرض ومغاربها ولاعتمدوا المصحف الذي يضمها ليعرفوا منه الحديث النبوي، كما اعتمدوا مصحف القرآن لمعرفة