الكلام الإلهي، ولاستغنوا به عن تلكم الكتب الضخمة الكثيرة العدد التي تحمل الأحاديث المروية وفيها الصحيح والموضوع وغير ذلك مما كان مدعاة للاختلاف بين المسلمين على مد العصور، وسيظل قائما إلى يوم الدين وبخاصة بين علماء الفقه الذين تفرقوا في الدين مذاهب وشيعا، ثم لاتخذ علماء النحو من الحديث أوثق مصدر لهم في الاستشهاد به على اللغة والنحو بعد كتاب الله وقبل كلام العرب، بعد أن تجافوا عن الاستشهاد به لما ثبت لديهم ولدى غيرهم يقينا أنه قد جاء على غير لفظه الذي نطق النبي به صلى الله عليه وآله وإنما جاءت روايته (بالمعنى)، ثم لكان قبل ذلك كله أعظم ثروة في البلاغة العربية لا يوجد مثلها في كلام العرب، ولا نحصي ما وراء ذلك من المنافع والفوائد - إذا كان الحديث قد جاء مكتوبا كالقرآن - كما زعموا.
نعم هذا ما يجب على شيوخنا أن يؤدوه لكي يصدق الناس ما أدعوه، وأم المنطق لم تلد غير ذلك!
وإنا لنتحداهم في ذلك فإن أتوا بهذا المصحف كانوا علماء محققين، وإن لم يفعلوا كانوا على نقيض ذلك جهلاء غير عالمين.
ولم يرد مشايخنا عفا الله عنهم أن يقفوا عند هذه الدعوى الباطلة بل لجوا في الادعاء الباطل فتنبل زعيمهم الشيخ عبد الحليم وازدهى وقال في كتيبه ما نصه:
" ولقد وقر في أذهان الناس، بصورة راسخة أن السنة لم تدون إلا في القرن الثاني، ومن أجل اقتلاع هذه الفكرة الخاطئة أطلنا في نقل بعض النصوص التي تثبت الحقيقة! وهي أن السنة دونت في القرن الأول في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وفى عهد الصحابة الاجلاء " (1) وإن هذه النصوص التي يقول الشيخ عبد الحليم إنه أطال في نقلها بغير فهم ولا إدراك قد مر عليها العلماء المحققون وعرفوها ولكنهم لم يعرجوا عليها، ولم يلتفتوا إليها، ذلك بأن أمر النهى عن كتابة الحديث يلقفها كلها، لأنه قاطع ثابت لا يستطيع أحد أن يستريب فيه وآية ذلك أن الصحابة قد اتبعوه (فعلا)