نشأة الاختراع في الرواية والوضع على رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن نتكلم عن مناصرة أبي هريرة لمعاوية بما كان يقدم له من أحاديث يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وآله، لابد لنا أن نبين كيف كان أمر الرواية عن رسول الله في ذلك العهد وأنها كانت تصدر ممن يريدها بغير ضابط ولا قيد لا يخشى في ذلك شيئا، لان أحاديث الرسول صلوات الله عليه، لم يكن لها أصل محفوظ يرجع في تحقيقها وبيان صحتها إليه (1).
أجمع الباحثون على أن نشأة الاختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وآله إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته، ثم اتسع الاختراع واستفاض بعد مبايعة على رضوان الله عليه، فإنه ما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة، حتى ذر قرن الشيطان الأموي ليغتصب الحق من صاحبه ويجعلها أموية، وإليك كلمة صادقة دقيقة كتبها الأستاذ الإمام محمد عبده في مقدمة رسالة التوحيد، وذلك بعد أن تكلم عن الفتنة الكبرى التي " هوى فيها ركن عظيم من هيكل الخلافة واصطدم الاسلام وأهله صدمة زحزحتهم عن الطريق التي استقاموا عليها "، قال رضي الله عنه:
" توالت الاحداث بعد ذلك ونقض بعض المبايعين للخليفة الرابع (2) ما عقدوه، وكانت حروب بين المسلمين انتهى فيها أمر السلطان إلى الأمويين!
غير أن بناء الجماعة قد انصدع، وانفصمت عرى الوحدة بينهم، وتفرقت بهم المذاهب في الخلافة، وأخذ الأحزاب في تأييد آرائهم، كل ينصر رأيه على رأى خصمه بالقول والعمل، وكانت نشأة الاختراع في الرواية والتأويل، وغلا كل قبيل فافترق الناس إلخ " (3).