وكانوا لشدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وآله لا يرون إلا أنه من أهل بيته، وعرف بين الصحابة بأنه صاحب السواد والوساد الذي لا يعرفه غيره. أو حذيفة بن اليمان الذي أخذ عن النبي صلى الله عليه وآله العلم بالمنافقين وقد سأله عمر: هل هو من المنافقين؟
فقال له حذيفة، لا، ولا أزكى أحدا بعدك.
وقد روى الشيخان عنه قال: قام فينا رسول الله مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظ، ونسيه من نسيه.
وروى أحمد ومسلم عنه قال: والله إني أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون رسول الله حدثني عن ذلك شيئا أسره لي لم يكن حدث به غيري (1) ولكن رسولي الله قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه - وبعد أن ذكر حذيفة ما قاله النبي قال: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري (2) وقد مات حذيفة بعد الفتنة الأولى بقتل عثمان. أي أن أبا هريرة لم يكن في ذلك الرهط.
أو أبو ذر الغفاري، وهو أحد السابقين الأولين، ومن نجباء الصحابة وكان خامس خمسة، وصفه النبي بقوله: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ومن سره أن ينظر إلى زهد عيسى، فلينظر إلى أبي ذر - هذا الصحابي الجليل الذي جمع كل هذه الصفات يقول:
ما ترك رسول الله شيئا مما صبه جبريل وميكائيل في صدره إلا صبه في صدري، ولا تركت شيئا مما صبه في صدري إلا قد صببته في صدر مالك ابن أبي حمزة.
أو سلمان الفارسي الذي قال فيه النبي: سلمان منا أهل البيت، ولو كان الدين عند الثريا لناله سلمان، وقال فيه على: سلمان الفارسي مثل لقمان لحكيم، علم علم الأول والآخر، بحر علم لا ينزف - وكان ينفرد بالنبي في الليل كما ذكرت عائشة.