" ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".
أنكر على عثمان أن يعطى مروان بن الحكم والحارث بن الحكم، وزيد بن ثابت الأنصاري ما أعطاهم من مئات الألوف من الدراهم، وتلا قول الله " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ".
وجرت بينه وبين عثمان محاورة في ذلك فأمر عثمان بأن يحلق بالشام فلم يلبث هناك بعد ما رأى من فعلات معاوية ما رأى! أن ينكر عليه، فأراد معاوية أن يقطع لسانه بثلاثمائة دينار! فكان جوابه، إن كان هذا من عطائي قبلتها، وإن كانت جعلة فلا حاجة لي فيها!
ولما بنى معاوية قصر (الخضراء) بدمشق قال له: يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت من مالك فهذا هو الاسراف، وكان يقول: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها! والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه، والله إني لأرى حقا يطفأ وباطلا يحيا، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى.
وكان الناس يجتمعون عليه، فنادى معاوية، أن لا يجالسه أحد.
ولما اشتد إنكاره عليه كتب إلى عثمان: أن أبا ذر قد أفسد على الشام!
فكتب عثمان إلى معاوية: أحمل جندبا (1) على أغلظ مركب وأوعره، فوجه معاوية من سار به الليل والنهار، ولم يكد يصل إلى المدينة حتى تسلخت أفخاذه وكاد يهلك، ولما قابل عثمان وذكر له ما يفعله معاوية، أمر بتسييره إلى الربذة (2)، فلم يزل بها حتى مات سنة 31 - 32 رضي الله عنه وأرضاه.
ودخل سعد بن أبي وقاص على معاوية فلم يسلم عليه بالامرة! فقال معاوية:
لو شئت أن تقول غيرها لقلت! قال سعد: فنحن المؤمنون ولم نؤمرك، فإنك معجب بما أنت فيه، والله ما يسرني أنى على الذي أنت عليه، وأنى هرقت عليه محجمة دم (3).