تجعل الظلمات نورا، والنور ظلمات. وبعد محاورة طويلة مع ابن الكواء تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت وليس الامر على ما ذكرت! أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهرا ودانهم كبرا، واستولى بأسباب الباطل كذبا ومكرا، أما والله ما لك في يوم بدر مضرب ولا مرمى، ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه وآله فأنى تصلح الخلافة لطليق، فقال معاوية، لولا أنى أرجع إلى قول أبى طالب حيث يقول:
قابلت جهلهم حلما ومغفرة * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم لقتلتكم (1).
وقدم أبو أيوب الأنصاري على معاوية فأجلسه على السرير وحادثه وقال:
يا أبا أيوب: من قتل صاحب الفرس البلقاء التي جعلت تجول يوم كذا وكذا!
قال: أنا إذ أنت وأبوك على الجمل الأحمر معكما لواء الكفر، فنكس رأسه وتنمر أهل الشام وتكلموا، فقال معاوية: مه أو قال: ما نحن عن هذا سألناك!
ودخل عليه مرة فقال له: صدق رسول الله سمعته يقول: يا معشر الأنصار إنكم سترون أثرة فاصبروا، ولما عاده ابنه يزيد وهو في الحبس قال له: هل لك من حاجة؟ قال: ما ازددت عنك وعن أبيك إلا غنى (2).
المسور بن مخرمة مع معاوية:
روى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن قال: أخبرني المسور بن مخرمة أنه وفد على معاوية، قال: فلما دخلت سلمت، فقال: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟
قال. قلت: دعنا من هذا، وأحسن فيما قدمنا له! قال: والله لتكلمني بذات نفسك؟ قال: فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلا بينته له فقال: لا أتبرأ من الذنوب! فما لك يا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك؟