إليه الحكم: بلغني أن أمير المؤمنين كتب: أن يصطفى له البيضاء والصفراء وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين! وإنه والله لو أن السماوات والأرض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له مخرجا، والسلام عليكم، ثم قال للناس اغدوا على مالكم، فغدوا فقسمه بينهم، وقال الحكم: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فمات بخراسان (بمرض) رحمه الله ورضى عنه وهكذا يكون الرجال.
وقال معاوية لأسامة بن زيد: رحم الله أم أيمن كأني أرى ساقيها، وكأنهما ساقا نعامة، فقال أسامة: كانت والله خيرا من هند (أم معاوية) وأكرم، فقال معاوية: وأكرم أيضا؟ فقال: نعم، قال الله عز وجل: إن أكرمكم عند الله أتقاكم (1).
بين الأحنف ومعاوية:
قام رجل من أهل الشام خطيبا بين يدي معاوية ومعه وجوه الناس فكان آخر كلامه أن لعن عليا، فأطرق الناس وتكلم الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل ما قال آنفا لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين للعنهم! فاتق الله ودع عنك عليا، فلقد لقي ربه، وأفرد في قبره، وخلا بعمله، وكان والله ما علمنا المبرز بسبقه، الطاهر خلقه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته، فقال له معاوية: يا أحنف، لقد أغضيت العين على القذى، وقلت بغير ما ترى، وأيم الله لتصعدن المنبر فلتلعننه طوعا أو كرها، فقال له الأحنف: يا أمير المؤمنين، إن تعفني فهو خير لك، وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجرى به شفتاي أبدا، فقال: قم فاصعد المنبر، قال الأحنف أما والله - مع ذلك - لأنصفنك في القول والفعل قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟
قال: أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله، وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أقول: أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا، وإن عليا ومعاوية اختلفا فاقتتلا، وادعى كل واحد منهما أنه بغى عليه وعلى فئته،