ولنذكر بعض من كانوا من القسم الأول، الذين قاموا بحق الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، أما الذين حاربوا بسيوفهم فهم فوق الاحصاء.
عبادة بن الصامت:
فمن الاجلاء الذين أنكروا على معاوية وسخطوا عليه، وهو في أوج سلطانه (عبادة بن الصامت) الخزرجي أحد نقباء الأنصار.
كان معه يوما فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده فحثاه في فم الخطيب! فغضب معاوية، فقال له عبادة: إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله بالعقبة، وكان من هذه البيعة، أن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم، وقال رسول الله: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب.
ولما اشتد غضب معاوية على عبادة رحله إلى عثمان، وقال: إنه أفسد الشام: وقال عبادة لعثمان لما رحله إليه معاوية: سمعت رسول الله يقول: سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون! فلا طاعة لمن عصى، ولا تضلوا بربكم.
وفى رواية لابن عساكر أنه قال لعثمان بعد ذلك: فوالله الذي نفس عبادة بيده، إن فلانا (يعنى معاوية) لمن أولئك. فما راجعه عثمان بحرف.
وكان يقول - وهو بالمدينة: تستعمل الصبيان وتقرب أولاد الطلقاء.
هذا ما فعله عثمان بعبادة، فانظر البون البعيد بين عمر وبين عثمان فإن عبادة هذا عندما أنكر على معاوية في عهد عمر وقال لمعاوية: لا أساكنك بأرض، ورحل إلى المدينة قال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره بأفعال معاوية، فقال له عمر: ارحل إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك (1).
ولعبادة هذا موقف آخر سنبينه لك قريبا.
وممن أنكروا على معاوية كذلك، أبو ذر الغفاري الذي قال فيه النبي