مقدمة الطبعة الأولى كان هذا الكتاب فصلا من كتابنا " أضواء على السنة المحمدية " الذي استفاض أمره وأحدث دويا هائلا بين أرجاء العالم الاسلامي، مما لم يحدث مثله لكتاب آخر في عصرنا غير كتاب (في الشعر الجاهلي الذي ألفه الدكتور طه حسين) (1)، وعلى أنه قد ظفر والحمد لله من كبار العلماء، وقادة الفكر بالتقدير الكريم، والثناء الجميل، فإن بعض من أصيبوا بالحشوية والجمود قابلونا بالشتم القاذع، والسب الوضيع فلم نلتفت إليهم، وتركناهم في ضلالهم يعمهون.
ولو أن هذه الفئة قد التزمت معنا الطريق السوي، الذي يقضى به النقد العلمي النزيه، لقابلناهم مسرورين ولنازلناهم فرحين، ولكنها ارتطمت في حمأة السباب، وزاغت عن سبيل الصواب، فلذلك سقط معها الخطاب.
ولقد كان أكثر ما نالنا من شتم الشاتمين، وقذف القاذفين، مرده إلى ما بيناه من تاريخ (أبي هريرة) وما أظهرناه في هذا التاريخ من حقائق مذهلة لم تكن معروفة لهم من قبل، فصدموا بها، ودهشوا لها، وكادوا منها يصعقون! ولم يلبثوا أن هبوا ليخففوا عنهم ما أصابهم من هول الصدمة، فلم يجدوا غير الوسيلة التي يحسنونها، فأطلقوا ألسنتهم بسبنا، وشهروا أقلامهم لشتمنا، وقد كان أقذرهم شتما، وأفحشهم سبابا، شامي أزهري، سمى نفسه (الدكتور مصطفى السباعي) (2) فقد فاقهم في مضمارهم، وكان بحق فارس حلبتهم! وكأنه أراد أن يستعلن بأنه (عيير) وحده في فن الهجاء فكأنه (3).