إلى آخره وصف للطرفين المعتادين المتعارفين، لا أن الحكم تعلق على النعمة، إذ ظاهر الإضافة والموصول العهد، على أن مرادهم بالاعتياد في المقام لا يخلو من إجمال، فعن بعضهم أنه يتحقق بالمرتين، فينقض بالثالثة، وعن آخر أنه بالثلاثة، وينقض بالرابعة، وعن آخر الرجوع فيه إلى العرف، وإن كان أقواها الأخير، لكنه فيه إن الرجوع في لفظ المعتاد إلى العرف مع عدم وجوده في مدرك الحكم غير ظاهر الوجه، اللهم إلا أن يستفاد من التعليل في خبر العلل والعيون على معنى أن المدار على ما كان طريقا للنجاسة، ولا يكون كذلك إلا مع الاعتياد فتأمل، ولعل الأقوال الأول إنما هي في تحقيق المعنى العرف وإن كان عدم التعرض لتحديده حينئذ أولى، فإنه كما يؤخذ التكرار يؤخذ عدم الانفصال مدة طويلة، وأن يكون الخارج قدرا معتدا به ونحو ذلك، فتأمل جيدا، فإنه مما ذكرنا يظهر لك قوة قول ابن إدريس، لكن لا على وجه الخروج بخرقة ونحوها مثلا، بل إذا كان بحيث يتغوط ويبول منه على نحو المعتاد، فإن حدثيته بهذا المعنى متحققة وإن كنا لم نعتبر نحو ذلك في المخرج المعتاد، والله العالم.
وكيف كان فلدعوى فساد هذا التفصيل مع تنزيل الأخبار المتقدمة على المتعارف المعتاد والأصل استظهر بعض المتأخرين عدم النقض مطلقا، وهو الذي قواه في الرياض، لكنك إذا أحطت خبرا بما قدمنا تعرف ما فيه، بل قد يدعى الاجماع المركب على نفيه، وقوله في المنتهى فالأقرب أنه ينقض لا ينافيه، ثم إن الظاهر من عبارة المصنف وجملة من الأصحاب بل أكثرهم تخصيص النزاع في البول والغائط، وهما اللذان ذكرها الشيخ (رحمه الله) في مبسوطه وخلافه وابن إدريس في سرائره وغيرهما، بل صرح ابن إدريس بأن الريح الغير الخارجة من الدبر على وجه متيقن كالخارجة من فرج المرأة أو مسام البدن ليست ناقضة، ويظهر من بعضهم جريان النزاع فيه بمعنى أنه أن خرجت الريح من غير المعتاد نقضت مع الاعتياد، وإلا فلا، من غير فرق لما كان الاعتياد لها نفسها أولها مع الجواهر 50