لا يريد الخلاف في ذلك، وإلا كان ما قدمنا حجة عليه من الاجماع وإطلاق كثير من الأخبار، مع ظهور القيد فيما ذكرنا، أو عدم نقض اليقين بالظن ونحوه، وظاهر إطلاق النص والفتوى عدم اشتراط الاعتياد في المخرج المعتاد الطبيعي، كما صرح به بعضهم، بل عن شارح الدروس دعوى الاجماع عليه، بل يظهر من الرياض أن إجماع المعتبر والمنتهى عليه وإن كان الظاهر أنه اشتباه، كما أنه يحتمل في عبارة شارح الدروس عدم إرادة الاجماع على ذلك، فلاحظ وتأمل، وعليه فلو خرج مرة واحدة وجب الوضوء إذا بلغ مكلفا، وعن الروض والمسالك أنه لقلة فائدته لم يتعرض له الأكثر، وفيه أن الغرض كما يتحقق بما ذكرنا يتحقق بمن خرج من أول أمره من غير المعتاد لسائر الناس مع وجوده له حتى نشأ على ذلك، ثم بعد وضوئه مكلفا به اتفق أنه خرج من الطبيعي شئ، فلعل ترك الأكثر له لا لما ذكر، بل لاشتراط اعتياد الخروج، سيما إذا كان المعتاد غيره من أول أمره، بل لعل قوله (عليه السلام) (1) في خبر أبي بصير: " إنما الوضوء من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك " يرشد إلى اعتياد الخروج، وقد يستشكل في شمول الفتوى له أيضا بحمل المعتاد في كلامهم على كونه في الشخص، لا معتادا بالنسبة إلى أغلب الناس وإن لم يكن معتادا بالنسبة إلى الشخص، أو على إرادة اعتياد الخروج، كالاشكال في شمول الأدلة لانصرافها إلى المتعارف، وهو الخروج معتادا من المعتاد فتأمل، لا أقل من الشك في الخارج مرة من الموضع المعتاد لأغلب الناس بعد أن كان خروجه من غيره حتى مضى أكثر عمره على ذلك، لكن قد يستظهر من الاجماع شموله، وذلك لنقلهم الاجماع في الخروج من المعتاد من غير تفصيل، مع التفصيل في غيره بالاعتياد وعدمه، هذا كله مبني على اختيارهم من الانصراف إلى الفرد الشائع، وإلا فعلى مختار ابن إدريس كما تسمعه فلا فرق، والظاهر أن المراد بالخروج
(٣٩٥)