والعينين كالأصحاب، مع الحكم فيه بأنه قد تنام العينان ولا تنام الأذنان، وربما علل بأنهما أقوى الحواس إدراكا فمتى بطلا بطل غيرهما بطريق أولى، لكن في المدارك وغيرها أن فيه نظرا، وقال بعضهم وجه النظر منع كونهما أقوى إدراكا، بل اللمس والذوق أقوى منهما، ولعله لذا استحسن بعضهم التعليق على ذهاب العقل، قلت:
قد يحتمل أن يكون اختلاف هذه الأخبار للإشارة إلى أنه لا يحتاج إلى تعرف، كما يشير إليه صحيح زيد الشحام (1) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) " عن الخفقة والخفقتين؟ فقال: ما أدري ما الخفقة والخفقتين، إن الله تعالى يقول: (2) (بل الانسان على نفسه بصيرة) إن عليا (عليه السلام) كأن يقول: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا وجب عليه الوضوء ".
وما يقال إن ذلك ينافيه ما ذكره بعض الأصحاب وصرحت به بعض الأخبار من تحقق الشك في النوم، وحكمت حينئذ ببقاء الطهارة حتى يستيقن يدفعه أنها محمولة على عدم وجدان طعم النوم، إذ لو وجد لما شك، ولذا حكمت ببقاء الطهارة، كما أنه يحتمل أن يكون المدار العقل، ولكن معرفة ذهابه تحتاج إلى معرف، إذ مراتب ذهابه متفاوتة، فأول مرتبته الغلبة على البصر، وآخر مرتبته شرعا الغلبة على السمع، فإنه ربما يغلب عليه ومع ذلك يمشي في الطريق، بل في سكة الطريق، بل قد يكون راكبا على فرس أو حمار وهو في غاية ضبط النفس من الوقوع، بل الميل، بل قد يبقى اللجام في اليد، والرجل في الركاب على وجه الاستحكام، والعمامة على الرأس، إلى غير ذلك، فظهر أنه لا بد من معرف شرعي للذهاب المعتبر شرعا، ولا يكتفي بذكر ذهاب العقل، ولذا قيد الجماعة بالغلبة على السمع والبصر، لكن فيه ما لا يخفى، فإن