لذلك - غير دالة على تمام المدعى حتى تنافي ما ستسمعه مما نختاره إن شاء الله، بل قد تكون شاهدا لنا.
(وأما الثالث) فلأن القائل بالطهارة يشترط ورود المطهر، بل والقائل بالنجاسة، نعم يظهر من الشهيد في الذكرى خلاف ذلك، ولعله يقول حينئذ بنجاسة الغسالة وإن ظهر منه الميل إلى الطهارة هنا، لكن يخص ذلك بورود المطهر لا العكس، فيحكم حينئذ بطهارة الأجمع، ونجاسة الماء للأمر بالاهراق، والتحقيق أن الورود شرط كما يأتي إن شاء الله، على أن هذه الأخبار محتملة لأن يكون أصابها عين القذر من غير تحقق للغسل، وأما إجماع المنتهى والتحرير فلا يدلان على تمام المطلوب بل هما خاصان بالنجاسة العينية، وهما غير منافيين لما ستسمعه من المختار، وأما رواية عبد الله بن سنان فهي إن لم يكن فيها إشعار بالعدم فلا دلالة فيها على الدعوى، وأما النهي عن غسالة الحمام ففيه - مع معارضته ببعض الأخبار المتضمنة لنفي البأس - إن كثيرا منها نهت عن الاغتسال فيها معللة ذلك بأنه اغتسال الجنب والناصب وولد الزنا واليهودي والنصراني ونحو ذلك، بل قد يشعر من عدم ذكر التعليل في شئ منها بغسل النجاسات بعكس الدعوى، وقد بان لك من جميع ما ذكرنا حجة القول بالطهارة مطلقا، وحجة القول بطهارة الغسلة الأخيرة التي تحصل طهارة المحل بعدها، والمنقول عن الشيخ من التفصيل بطهارة غسالة إناء الولوغ، لما ذكرنا من أدلة الطهارة، ونجاسة الأولى من غسالة الثوب، لخبر العيص ونحوه من أدلة النجاسة، وطهارة الثانية للأصل، فتأمل.
والأقوى في النظر الحكم بطهارة الغسالة مطلقا، من غير فرق بين الأولى والثانية نعم يشترط أن لا يكون الغسلة التي فيها زوال عين النجاسة، بناء على عدم مدخليتها بالتطهر حتى يلتزم بطهارتها، لما سمعته من القاعدة المنجبرة بما عرفت، لا يقال: إن مقتضى ما ذكرت من القاعدة أن تخص الطهارة بالأخيرة فقط، لأنها هي التي حصلت الطهارة بها، لأن الظاهر أن كل جزء منها سبب والطهارة تحصل بالمجموع، وما يقال: