ويظهر من المنتهى أن قول الشيخ في المبسوط إنما هو في الغسلة التي تحصل الطهارة بعدها، والظاهر أنه وهم، وفي مفتاح الكرامة عن كشف الالتباس أن عليه فتوى شيوخ المذهب، كالسيد والشيخ وبني إدريس وحمزة وأبي عقيل إنتهى. والذي عثرت عليه في السرائر قال: " وإن أصابه من الماء الذي يغسل به الإناء فإن كان من الغسلة الأولى يجب غسله، وإن كان من الغسلة الثانية أو الثالثة لا يجب غسله، وقال بعض أصحابنا:
لا يجب غسله سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية، وما اخترناه هو المذهب " قال السيد المرتضى: في الناصريات قال الناصر: لا فرق بين ورود الماء على النجاسة وبين ورودها عليه، قال السيد: وهذه المسألة لا أعرف فيها أيضا لأصحابنا نصا ولا قولا صريحا، والشافعي يفرق بين ورد الماء وورودها عليه، فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء، ولا يعتبر في ورود الماء على النجاسة، وخالفه سائر الفقهاء في هذه المسألة. ويقوى في نفسي عاجلا إلى أن يقع التأمل لذلك صحة ما ذهب إليه الشافعي، والوجه فيه إنا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدي ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بايراد كر من الماء عليه، وذلك يشق، فدل على أن الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة ولا الكثرة، كما يعتبر فيما ترد النجاسة عليه، قال محمد بن إدريس (رحمه الله): " وما قوي في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب، وفتاوى الأصحاب به " قلت: والذي نقل عن الشافعي قد نقله العلامة في المنتهى في المقام عنه أيضا في أحد وجهي الشافعي، ولا ريب في ظهور كلام السيد في عدم نجاسة الغسالة، لكن في كشف اللثام أنه يمكن أن يقول إنه عند الانفصال ماء وردت عليه النجاسة، وفيه - مع أنه مخالف لما فهمه كثير من الأصحاب وللأولوية، فإنه إذا كان معه لا ينجس فإذا انفصل بطريق أولى، وللمنقول عن الشافعي من طهارة ماء الغسالة لمثل ما ذكره السيد (رحمه الله) - أنه لا يصدق على المنفصل أنه ماء وردت عليه النجاسة سيما في مثل النجاسة الحكمية، نعم الذي يظهر أن مرادهم بالورود أنه يرد عليها ويذهب،