لقد جهدوا في التخلص مما تكره واراك لا تنصفهم فقال أبو طالب " ع " ما أنصفوني ولا أنصفتني ولكنك قد أجمعت على خذلاني ومظاهرة القوم على فاصنع ما بدا لك، قال فعند ذلك تنابذ القوم وثارت الأحقاد ونادى بعضهم بعضا وتذمروا بينهم على من في القبائل من المسلمين الذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وآله فوثبت كل قبيلة على من فيها منهم يعذبونهم ويفتنونهم في دينهم ومنع الله تعالى رسوله منهم بعمه أبى طالب وقام في بنى هاشم وبنى المطلب حين رأى قريشا تصنع ما تصنع فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وآله والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه من الدفاع عن رسول الله الا ما كان من أبى لهب فأنه لم يجتمع معهم على ذلك، قيل ولم يؤثر عن أبي لهب خير قط الا ما روى أن أبا سلمة ابن عبد الأسد المخزومي لما وثب عليه قومه ليعذبونه ويفتنونه عن الإسلام هرب منهم واستجار بأبي طالب " ع " وأم أبى طالب مخزومية وهي أم عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وآله فأجاره فمشى إليه رجال من بنى مخزوم وقالوا يا أبا طالب هبك منعت منا ابن أخيك محمد فمالك ولصاحبنا تمنعه منا قال إنه استجار بي وهو ابن أختي وان أنا لم امنع ابن أختي لم امنع ابن أخي فارتفعت أصواتهم وصوته فقام أبو لهب ولم ينصر أبا طالب قبلها ولا بعدها فقال يا معشر قريش والله لقد أكثرتم على هذا الشيخ لا تزالون تتوثبون عليه في جواره من بين قومه اما والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه فبما قام فيه حتى يبلغ ما أراد فقالوا بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبه فقاموا فانصرفوا وكان وليا لهم ومعينا على رسول الله صلى الله عليه وآله وأبى طالب فاتقوه وخافوا ان تحمله الحمية على الإسلام.
ثم لما رأت قريش إلى انها لا تصل إلى محمد صلى الله عليه وآله لقيام أبى طالب " ع " دونه أجمعت على أن تكتب بينها وبين بنى هاشم صحيفة يتعاقدون فيها ان لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يجالسوهم فكتبوها وعلقوها في جوف الكعبة تأكيدا على أنفسهم وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار