ابن قصي فلما فعلوا ذلك انحازت بنو هاشم والمطلب فدخلوا كلهم مع أبي طالب في الشعب فاجتمعوا إليه وخرج منهم أبو لهب إلى قريش فظاهرها على قومه فضاق الأمر ببني هاشم وعدموا القوت الا ما كان يحمل إليهم سرا وخفية وهو شئ قليل لا يسد أرماقهم وأخافتهم قريش فلم يكن يظهر منهم أحد ولا يدخل إليهم أحد وذلك أشد ما لقى رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته بمكة فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا لا يصل إليهم شئ الا القليل سرا ممن يريد صلتهم من قريش وكان أبو جهل بن هشام لقى حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلى الله عليه وآله محاصرة في الشعب فتعلق به وقال أتحمل الطعام إلى بنى هاشم والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري العاص بن هشام بن الحرث بن أسد بن عبد العزى فقال مالك وله فقال إنه يحمل الطعام إلى بنى هاشم فقال أبو البختري يا هذا ان طعاما كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه ان يأتيها بطعامها خل سبيل الرجل فأبى أبو جهل حتى نال كل منهما من صاحبه فأخذ له أبو البختري لحيي بعير فضربه به فشجه ووطئه وطأة شديدة فانصرف وهو يكره أن يعلم رسول الله وبنو هاشم بذلك فيشمتوا به وبعث الله تعالى على صحيفتهم الأرضة فأكلتها قيل إلا أسم الله وأطلع الله رسوله صلى الله عليه وآله على ذلك فذكره رسول الله لعمه أبى طالب فقال أبو طالب أربك أطلعك على هذا قال نعم قال فوالله ما يدخل عليك أحد فأنطلق في عصابة من بنى هاشم والمطلب إلى المسجد فلما رأتهم قريش أنكروا ذلك وظنوا انهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا لأبي طالب قد آن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم فقال انما أتيتكم بأمر نصف بيننا وبينكم ان ابن أخي أخبرني ان هذه الصحيفة التي في أيديكم قد بعث الله عليها دابة فأبقت اسم الله وأكلت غدركم وتظاهركم علينا بالظلم فان كان كما قال فلا والله ما نسلمه حتى نموت عن آخرنا
(٤٦)