فلما أتى على آخرها قال له (" ع ") ثوابك يعجز عنه ولكن ما عجزنا عنه فإن الله لا يعجز عن مكافأتك اللهم أغفر للكميت اللهم أغفر للكميت ثم قسط له على نفسه وعلى أهله أربعمائة ألف درهم وقال له خذ يا أبا المستهل فقال له لو وصلتني بدانق لكان شرفا لي ولكن إن أحببت ان تحسن إلى فادفع إلى بعض ثيابك التي على جسدك أتبرك بها فقام (" ع ") فنزع ثيابه ودفعها إليه كلها ثم قال اللهم ان الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه حين ضن الناس وأظهر ما كتمه غيره من الحق فأمته شهيدا وأحيه سعيدا وأحسن له الجزاء عاجلا وأجزل له جزيل المثوبة آجلا فإنا قد عجزنا عن مكافاته قال الكميت فما زلت أعرف بركة دعائه عليه وعلى آبائه عليهم السلام.
وحدث محمد بن سهل قال دخلت مع الكميت على أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادق " ع " في أيام التشريق فقال جعلت فداك الا أنشدك قال إنها أيام عظام قال إنه فيكم قال " ع " هات فأنشده قصيدته التي أولها:
الا هل عم في رأيه متأمل * وهل مدبر بعد الإساءة مقبل وهل أمة مستيقظون لدينهم * فيكشف عنه النعسة المتزمل فقد طال هذا النوم واستخرج الكرى * مساويهم لو أن ذا الميل يعدل وعطلت الأحكام حتى كأننا * على ملة غير التي نتنحل كلام النبيين الهداة كلامنا * وأفعال أهل الجاهلية نفعل رضينا بدنيا لا نريد فراقها * على إننا فيها نموت ونقتل ونحن بها المستمسكون كأنها * لنا جنة مما نخاف ومعقل فكثر البكاء وارتفعت الأصوات فلما مر على قوله في الحسين عليه السلام:
كأن حسينا والبهاليل حوله * لأسيافهم ما يختلى المتبقل يخضن بهم من آل أحمد في الوغى * دما ظل منهم كالبهيم المحجل فلم أر مخذولا أجل مصيبة * وأوجب منه نصرة حين يخذل