الفتى فخبرني يرحمك الله عما كتب جميعهم في الصحيفة لأعرفه فقال حذيفة حدثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة أبى بكر ان القوم اجتمعوا في منزل أبى بكر فتآمروا في ذلك وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يديرونه في ذلك حتى أجتمع رأيهم على ذلك فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب لهم الصحيفة باتفاق منهم وكانت نسخة الصحيفة بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اتفق عليه الملا من أصحاب محمد رسول الله من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله تعالى في كتابه على لسان نبيه اتفقوا جميعا بعد أن اجتهدوا في آرائهم وتشاوروا في أمورهم وكتبوا هذه الصحيفة نظرا منهم إلى الإسلام وأهله على غابر الأيام وباقي الدهور وليقتدى بهم من يأتي من بعدهم من المسلمين اما بعد فان الله بمنه وكرمه بعث محمدا رسولا إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدى من ذلك وبلغ ما امره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه حتى إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرما محبورا من غير أن يستخلف أحدا من بعده وجعل الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم ما وثقوا برأيه ونصحه وان للمسلمين في رسول الله أسوة حسنة قال الله تعالى (ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) ان رسول الله لم يستخلف أحدا لئلا يجرى ذلك في بيت واحد فيكون إرثا دون سائر المسلمين ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ولئلا يقول المستخلف ان هذا الامر باق في عقبه من ولد إلى ولد إلى يوم القيامة والذي يجب على المسلمين عند مضى خليفة من الخلفاء ان يجتمع ذووا الرأي والصلاح منهم فيتشاوروا في أمورهم فمن رأوه مستحقا له ولوه أمورهم وجعلوه القيم عليهم فإنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة فان ادعى مدع من الناس جميعا ان رسول الله أستخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه فقد أبطل في قوله وأتى بخلاف ما تعرفه أصحاب رسول الله وخالف جماعة المسلمين ان ادعى مدع ان خلافة رسول الله
(٣٠١)