بعضهم على بعض وقالوا ان محمدا يريد أن يجعل هذا الامر في بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر ولا والله مالكم في الحياة من حظ إن أفضى هذا الامر إلى علي بن أبي طالب وأن محمدا عاملكم على ظاهركم وان عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم فاحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك وقدموا آراءكم فيه ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأحالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وآله ناقته على عقبة الهرشا وقد كانوا صنعوا مثل ذلك في غزاة تبوك فصرف الله السوء عن نبيه صلى الله عليه وآله واجتمعوا في أمر رسول الله من القتل والاغتيال واسقاء السم على غير وجه وقد كان اجتمع أعداء رسول الله من الطلقاء من قريش والمنافقين من الأنصار ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته وكانوا (أربعة عشر رجلا) وكان من عزم رسول الله صلى الله عليه وآله ان يقيم عليا وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم فسار رسول الله صلى الله عليه وآله يومين وليلتين فلما كان في اليوم الثالث أتاه جبرئيل " ع " بآخر سورة الحجر فقال أقرأ (ليسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين) قال ورحل رسول الله صلى الله عليه وآله يعدوا السير مسرعا على دخول المدينة لينصب عليا " ع " علما للناس فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرئيل " ع " في آخر الليل فقرأ عليه (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدى القوم الكافرين) وهم الذين هموا برسول الله صلى الله عليه وآله فقال أما تراني يا جبرئيل أعدو السير مجدا فيه لا دخل المدينة فأفرض ولاية على " ع " على الشاهد والغائب فقال له جبرئيل إن الله يأمرك ان تفرض ولاية على غدا إذ نزلت منزلك فقال رسول الله نعم يا جبرئيل غدا أفعل ذلك أن شاء الله تعالى. وامر رسول الله صلى الله عليه وآله بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتى نزل (بغدير خم) فصلى بالناس وأمرهم ان يجتمعوا إليه ودعا عليا " ع " فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يد على " ع " اليسرى بيده
(٢٩٧)