قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض قلت زدني قال عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك قلت زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت زدني قال أحب المساكين ومجالستهم قلت زدني قال لا تخف في الله لومة لائم قلت زدني قال ليحجرك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما يأتي ثم قال كفى بالمرء عيبا ان يكون فيه ثلاث خصال ان يعرف من الناس ما يجهل عن نفسه ويستحى لهم مهما هو فيه ويؤذى جليسه فيما لا يعنيه ثم قال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق.
قال المؤلف وإنما أوردنا هذا الحديث على طوله لما فيه من أنواع الحكم وفوائد العلم والأنباء عن الأمور الخالية والأخبار عن الأيام الماضية وفيه اعتبار لأولى الأبصار والعقول وتنبيه لذوي التمييز والفهوم.
وفى معالم التنزيل لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تبوك وقطع وادى القرى ومضى سائرا جعل يتخلف عنه الرجل فيقول دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أرى حكم الله منه حتى قيل يا رسول الله قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وان يك غير ذلك فقد أرى حكم الله منه وتلوم أبو ذر على بعيره فلما أبطأ أخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وآله ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله هذا رجل يمشى في الطريق وحده فقال صلى الله عليه وآله كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده.
وأخرج الكشي في رجاله عن أبي على المحمودي المروزي رفعه فقال أبو ذر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على