بالمراد نحو قوله تعالى بكم عمي فهم لا يرجعون (1) والمعنى انهم كالصم البكم العمي في عدم الانتفاع بما سمعوا وأبصروا ومنه قول النابغة (2) فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهم كوكب (3) يعني أنك كالشمس وقال آخر وكنا حسبنا كل أسود تمرة ليالي لاقينا جذام وحميرا فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض حتى أبت عيدانه أن تكسرا سقيناهم كأسا سقونا بمثله (4) ولكنهم كانوا على الموت أصبر فقال كنا حسبنا كل أسود تمرة فهم ما حسبوا كل أسود تمرة قط والمعنى مع ذلك صحيح لأن مراده وكنا كمن حسب كل أسود تمرة في إقدامنا على قتال هؤلاء القوم و (5) طمعنا فيهم واستهانتنا عمر بأمرهم ثم قال قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض ومعلوم أنهم لم يقرعوا النبع بعضه ببعض ولم يرد حقيقة ذلك قط وإنما أراد أنا لما قارعناهم النبي وجالدناهم وإن ثبتوا لنا تشبيها بعيدان النبع إذا قرع بعضها ببعض ولا تنكسر لصلابتها ثم قال سقيناهم كأسا سقونا بمثله (7) وما كان هناك كأس ولا سقي وإنما (8) أراد قتلنا منهم وقتلوا منا ولكنهم كانوا على الموت أصبرا يعني أجرأ منا كما قال الله تعالى فما أصبرهم على النار (9) يعني فما أجرأهم لأنه لا صبر لأحد على عذاب الله تعالى فذكر
(٣٦٤)