خصت صارت مجملة ولا يجوز الاستدلال بها في بقية المسميات إلا بدليل كسائر المجازات وإليه مال عيسى بن أبان.
الأدلة:
واستدلوا بأن معنى العموم حقيقة غير مراد مع تخصيص البعض وسائر ما تحته من المراتب مجازات، وإذا كانت الحقيقة غير مرادة وتعددت المجازات كان اللفظ مجملا فيها فلا يحمل على شئ منها.
وأجيب: بأن ذلك إنما يكون إذا كانت المجازات متساوية ولا دليل على تعين أحدها وما قدمنا من الأدلة فقد دلت على حمله على الباقي فيصار إليه.
المذهب الثالث:
إن التخصيص إن لم يمنع استفادة الحكم بالاسم وتعلقه بظاهره جاز التعلق به كما في قوله تعالى " فاقتلوا المشركين " لأن قيام الدلالة على المنع من قتل أهل الذمة لا يمنع من تعلق الحكم وهو القتل باسم المشركين، وإن كان يمنع من تعلق الحكم بالاسم العام ويوجب تعلقه بشرط لا ينبئ عنه الظاهر لم يجز التعلق به كما في قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " لأن قيام الدلالة على اعتبار النصاب والحرز وكون المسروق لا شبهة للسارق فيه يمنع من تعلق الحكم وهو القطع بعموم السارق ويوجب تعلق بشرط لا ينبئ عنه ظاهر اللفظ. وإليه ذهب أبو عبد الله البصري تلميذ الكرخي.
ويجاب عنه بأن محل النزاع دلالة اللفظ العام على ما بقي بعد التخصيص وهي كائنة في الموضعين والاختلاف بكون الدلالة في البعض أظهر منها في البعض الآخر باعتبار أمر خارج لا يقتضي ما ذكره من التفرقة المفضية إلى سقوط دلالة الدال أصلا وظاهرا المذهب الرابع:
إن كان لا يتوقف على البيان قبل التخصيص ولا يحتاج إليه كاقتلوا المشركين فهو حجة لأن مراده بين قبل إخراج الذمي، وإن كان لا يتوقف على البيان ويحتاج إليه قبل التخصيص فليس بحجة كقوله تعالى " أقيموا الصلاة " فإنه يحتاج إلى البيان قبل إخراج الحائض ونحوها.
وإليه ذهب عبد الجبار وليس هو بشئ ولم يدل عليه دليل من عقل ولا نقل.
المذهب الخامس:
أنه يجوز التمسك به في أقل الجمع لأنه المتعين ولا يجوز فيما زاد عليه هكذا حكي هذا المذهب القاضي أبو بكر والغزالي وابن القشيري وقال إنه تحكم. وقال الصفي الهندي لعله قول من لا يجوز تخصيص التثنية.
ولقد استدل لهذا القائل بأن أقل الجمع هو المتيقن والباقي مشكوك فيه لما تقدم من الأدلة.
المذهب السادس:
أنه يتمسك به ف واحد فقط.
حكاه في المتخول عن أبي هاشم وهو أشد تحكما مما قبله.
المذهب السابع:
الوقف فلا يعمل به إلا بدليل. حكاه أبو الحسين بن القطان وجعله مغايرا لقول عيسى بن أبان ومن معه. وهو مدفوع بأن الوقف إنما يحسن عند توازن الحجج وتعارض الأدلة وليس هناك شئ من ذلك.
راجع مذاهب وأدلة من ذكرنا في المراجع التالية: إرشاد الفحول ١٣٨ تقوين الأدلة ٢ / ١٧٢ وكشف الأسرار للنسفي ١ / ١١٨ وكسف الأسرار للبزودي ١ / ٣٠٨ والمسودة ١١٦ والمدخل لمذهب الإمام أحمد ١١٠ وروضة الناظر ١٢٤ ومنافع الدقائق شرح مجامع الحقائق ٤٥ والمستصفى ٢ / ٤٥ والإبهاج ٢ / ٨٠ وأصول السرخسي ١ / 144 وحاشية العضد على مختصر المنتهى 2 / 108 وأصول الفقه للشيخ زهير 2 / 254 وعلم أصول الفقه للشيخ خلاف 183.