أجمعوا عليه من توقيف أو قد يكون الإجماع تارة عن توقيف وتارة عن رأي فإن قال لو (1) جاز أن يقال هذا في ذلك لجاز في كل إجماع قيل له كل ما أجمع (2) عليه الصدر الأول فجائز أن يقال فيه إن إجماعهم حصل عن توقيف ما لم يخبروا عن أنفسهم أنهم اتفقوا على رأي وأيضا فإن آية المواريث خاصة بالاتفاق وقد يجوز عندنا تخصيص ما هذا سبيله من الظاهر بالقياس وأيضا فإن الاجماع الواقع عن رأي (3) ليس هو في معنى الرأي لو انفرد لأن الرأي إذا انفرد عن الاجماع ساغ تركه برأي مثله ومتى انضاف إليه الإجماع سقط جواز استعمال الرأي في خلافه وأيضا فإنا (4) نجيز تخصيص العموم بقياس يساعده (5) الإجماع فما الدليل على جواز تخصيصه بقياس (6) مفرد عن الإجماع فإن هذا هو موضع الخلاف وقال منهم قائل العموم ظاهر والقياس باطن وإذا اجتمعا كان الباطن قاضيا على الظاهر كرجلين شهدا بعدالة رجل وآخران بجرحه فيكون شهادة الجرح أولى لأنهما أخبرا عن باطن وهذا كلام فارغ ليس تحته معنى وتشبيه بعيد مما ذكر من أمر الجرح والتعديل لا يعتمد على مثله إلا غر (7) وذلك لأنه (8) إن كان إنما سمى موجب القياس باطنا لأنه توصل إليه بنظر واستدلال وسمى العموم ظاهرا من حيث هو مذكور باسمه (9) فأقل ما يلزمه في هذا تجويز نسخ القرآن بالقياس لأنه باطن في زعمه والمذكور باسمه (10) الظاهر ويجب على قضية
(٢١٩)