أن طريق ثبوته في الأصل اجتهاد لا يفضى بنا إلى حقيقة علم وساغ الاجتهاد في تخصيصه كما ساغ الاجتهاد في رده رأسا ألا ترى أن خبر الواحد مقبول في الأصل اجتهادا على جهة حسن الظن بالراوي وأنه يسوع الاجتهاد في رده فلأن (1) يجوز الاجتهاد في تخصيصه أولى (2) فإن قال قائل هلا (3) خصصت عموم القرآن الذي يثبت خصوصه بالاتفاق بالقياس إذ كان حكم العموم لازما والقول بالاعتبار واجبا أيضا فهلا استعملتها جميعا ولم تسقط أحدهما (4) بالآخر كالآيتين إحداهما خاصة والأخرى عامة أنه يجب استعمالهما جميعا ما أمكن ولا يسقط حكم إحداهما بالأخرى قيل له إن القول بالقياس وإن كان واجبا فيما يقوم (5) عليه الدليل فإنه عمل بغالب الظن (6) لا يفضي بنا إلى حقيقة لأنا نجوز الخطأ على (7) أنفسنا فيما طريقه الاستنباط من أحكام الحوادث وعموم القرآن ي يفيدنا (8) العلم بموجبه فلم يجز تركه بمالا يوجب (9) العلم على ما بيناه فيما سلف وأما الآيتان إذا كانت إحداهما (10) خاصة فإن لنا شرائط في استعمال حكمها ليس هذا موضوع ذكرها (11) ومتى جمعنا بين حكم الآيتين واستعملناهما صلى الله عليه وسلم فإنما خصصنا إحداهما (12) بمثلها لأن كل واحدة منهما توجب العلم بمقتضاها (13) وأيضا فان استعمال العموم من الاعتبار فلم جعلت اعتبار القياس أولى من اعتبار العموم فإن قال لأن قوله تعالى (14) إذا عام في كل موضع
(٢١٥)