قبح وانما يعلم حكمه بالسمع من جهة العالم بمصالح العباد وبما يكون من هذه الأفعال حسنا أو قبيحا ثم لا يخلو السمع من أن يكون واردا بالبابين الأولين اللذين ذكرنا انه لا يجوز فيهما الانقلاب والتغيير (1) فغير جائز نسخ ما كان هذا سبيله بوجه ولا ورود السمع بخلافه وأما الوجه الثالث فإنه لا يخلو من أن يكون السمع حاكما بحظره أو اباحته أو ايجابه وعلى اي هذه الوجوه كان وزوده فهو مما جوزه العقل وحسنه فكيف يجوز ان يحكم العقل بزواله وارتفاعه وقد قلنا ان ما كان هذا سبيله فإنما (2) حظ العقل فيه تجويز ورود السمع بأحد هذه الوجوه فلا يجوز ان يحكم بعد ورود السمع فيه بخلافه وأيضا فان النسخ انما هو توقيت مدة الحكم الأول بعد أن كان في تقديرنا وتوهمنا بقاؤه ولاحظ للعقل في توقيت مدة الفرض لان ذلك متعلق بعلل المصالح وعلل المصالح (3) لا تعلم أعيانها من طريق العقل وأيضا فلو جاز ذلك فيه لجاز ان يكون العقل بدءا موجبا للحكم الناسخ قبل ورود السمع فيه وقد ثبت انه لاحظ له في ذلك فامتنع من اجل ذلك جواز نسخ السمع بالعقل واما التخصيص بالعقل فليس كذلك لان دلالة العقل الموجبة للتخصيص هي (4) ما كان واقعا منه على أحد الوجهين الأولين اللذين (5) يجريان في حكم العقل على شاكلة واحدة فتبين ان المراد باللفظ بعض ما شمله الاسم ولذلك (6) يجوز في الألفاظ ولا يجوز مثله في دلالة العقل لان دلائل العقل لا يجوز فيها التخصيص وكذلك صار العقل قاضيا على السمع من هذا الوجه ولم يجز ان يقضي السمع على العقل
(١٥٠)