فإذا قال الله عز وجل أيها الناس اتقوا ربكم (1) وقد أقام قبل ذلك في عقولنا أنه لا يصح منه خطاب المجانين والأطفال فقد صارت دلائل العقل قاضية لحكم اللفظ على المكلفين دون الأطفال والمجانين كما تنقل دلالة العقل حكم اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز كقوله تعالى ما شئتم (2) فجعله (3) زجرا ونهيا (4) وحقيقته أنه أمر فإن قال إنما علمت خصوص هذه الآية بالاجماع قيل له فقد (5) كنت تجوز قبل ورود الآية وحصول الاجماع على معناها مخاطبة الله تعالى المجانين والأطفال وأمره إياهم بالتقوى ووعيدهم على تركها فإن قال نعم فقد أحال في قوله ويلزمه إجازة خطاب الله تعالى (6) الجمادات وتكليفها العبادات (7) وكفى بهذا خزيا لمن بلغه فإذا صح جواز (8) تخصيص اللفظ العام من جهة العقل وليس ذلك (9) كالاستثناء الذي لا يصح وجوده قبل المستثنى منه من قبل أن الاستثناء لو انفرد قبل ذكر المستثنى منه لم يعقل منه (10) شئ ودلالة العقل بانفرادها موجبة لأحكامها المتعلقة (11) بها وليس يمتنع (12)
(١٤٨)