نظروا إلى اشتراط عروض الشئ في الرخصة في الإفطار في الصحيح المزبور، الكاشف عن كون المراد من التتابع المعرف فيه بصوم شهر ويوم من الثاني التتابع المجزئ، وهو غير ملازم لجواز التفريق بعده، وإلا لما كان لاشتراط العروض في رخصة الإفطار وجه.
وأظهر منه الموثق كالصحيح: الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أيفرق بين الأيام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس، وإن كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام (1).
ويمكن الجواب بأن الظاهر من المعارضة فيهما ما لم يبلغ حد الضرورة المرخصة لترك الواجب، وإلا فلا فرق بين صورتي الإفطار قبل التتابع بالمعنى المتقدم وبعده معها إجماعا ونصا، والحال أنهما فرقا بينهما. فعلى هذا يجب حمل البأس المستفاد من مفهومهما على الكراهة، أو استحباب المتابعة، مع أن البأس المفهوم في الثانية أعم من الحرمة، فيرجع في مثله إلى أصالة البراءة النافية لها.
فما عليه الأكثر أقوى لولا ما مر من الإجماعين المتقدمين المعتضدين بفتاوى كثير من القدماء.
وكيف كان الاحتياط لا يخفى، سيما لمن لا يرى العمل بأخبار الآحاد، لظهور الآية في الأمر (2) بالمتابعة العرفية، الظاهرة في الوجوب، ولا معارض سوى الإجماع على إجزاء التتابع بالمعنى المتقدم، وهو غير ملازم للرخصة في ترك المتابعة المأمور بها في الآية، ولعل ذلك هو المنشأ لفتوى الحلي (3) بالوجوب. وهو حسن على أصله الغير الحسن.
وفي تحقق التتابع بخمسة عشر يوما في الشهر الواحد كفرض العبد