فظهر مما ذكرنا: أن متعلق الأمر غير متعلق النهي التنزيهي، فإن الأمر تعلق بنفس طبيعة الصلاة، وهي طبيعة راجحة، والنهي تعلق بإيقاعها في الحمام، فعلى هذا لا مانع من صحة الصلاة في الحمام - مثلا - فبإتيان ها فيه يمتثل الأمر المتعلق بنفس الصلاة، فيحنث النذر بها.
هذا غاية التقريب في كلام شيخنا العلامة (قدس سره).
وقريب منه ما يظهر من المحقق العراقي (قدس سره); حيث قال: لو تعلق النذر بترك الخصوصية المشخصة للفرد، أو الموجبة لكون الحصة فردا للصلاة مثلا; أعني بها تشخصها بالوقوع في الحمام - مثلا - لكان حينئذ لانعقاد النذر وجه معقول وسر مقبول; إذ عليه يكون متعلق النذر غير ترك العبادة، وهو أمر لا إشكال برجحانه في نظر الشرع، وقد يكون ذلك هو سر فتوى الفقهاء بانعقاد النذر المزبور (1).
ويمكن الجواب عن الإشكال بنحو آخر; لعله أحسن من جواب العلمين، وبه يمكن تصحيح الأمر ولو كان متعلق النذر الصحيح من جميع الجهات; حتى الجهة الجائية من قبل النذر، خلافا لشيخنا الأعظم الأنصاري والمحقق الإصفهاني (قدس سرهما)، وقد أشرنا إلى مقالتهما آنفا.
وحاصل ذلك: هو أنه لعل منشأ أكثر ما يقال في أمثال المقام، الخلط بين العناوين بعضها ببعض، وقد حققنا البحث في ذلك في باب اجتماع الأمر والنهي، واستقصينا الكلام فيه هناك، ولكن لا بأس بالإشارة الإجمالية إليه هنا حذرا من الإحالة.
وهو أن الأوامر والنواهي تتعلق بنفس الطبائع والعناوين، وأما الوجود الخارجي، فلم يكن متعلقا لأمر ولا نهي; لأن الخارج ظرف سقوط التكليف وامتثاله،