إن كلام العلمين في باب دلالة الألفاظ، وسماحة الأستاذ - دام ظله - وإن حكى عبارة الشيخ الرئيس في «الإشارات» (1)، إلا أن العبارة المحكية عن «الشفاء» حيث كانت أدل وأوضح، أحببنا إيرادها، فقال في محكي الفصل الخامس من المقالة الأولى من فن «إيساغوجي الشفاء»:
إن اللفظ بنفسه لا يدل البتة، ولولا ذلك لكان لكل لفظ حق من المعنى لا يجاوزه، بل إنما يدل بإرادة اللافظ، فكما أن اللافظ يطلقه دالا على معنى، كالعين على الدينار، فيكون ذلك دلالته، كذلك إذا خلاه في إطلاقه عن الدلالة بقي غير دال، وعند كثير من أهل النظر غير لفظ، فإن الحرف والصوت فيما أظن لا يكون - بحسب المتعارف عند كثير من المنطقيين - لفظا أو يشتمل على دلالة، وإذا كان ذلك كذلك فالمتكلم باللفظ المفرد لا يريد أن يدل بجزئه على جزء من معنى الكل، ولا - أيضا - يريد أن يدل به عليه، فقد انعقد الاصطلاح على ذلك، فلا يكون جزؤه البتة دالا على شيء حين هو جزؤه بالفعل، اللهم إلا بالقوة حين نجد الإضافة المشار إليها، وهى مقارنة إرادة القائل دلالة بها.
وبالجملة: فإنه إن دل فإنما يدل لا حين ما يكون جزءا من اللفظ المفرد، بل إذا كان لفظا قائما بنفسه، فأما وهو جزء فلا يدل على معنى البتة (2).
وقال المحقق الطوسي (قدس سره) في «شرح الإشارات» في بيان معنى المفرد والمركب ما نصه:
قيل في التعليم الأول: إن المفرد هو الذي ليس لجزئه دلالة أصلا.
واعترض عليه بعض المتأخرين ب «عبد الله» وأمثاله إذا جعل علما لشخص، فإنه مفرد مع أنه لأجزائه دلالة ما.