كان منفصلا، بل خصوص البيان المتصل المانع من انعقاد الظهور، وأما البيان المنفصل فحيث لا يمنع من انعقاد الظهور - كما تقدم في أول هذا الفصل - لا مجال لرفع اليد به عن أصالة الظهور والعموم، إلا أن يتعذر البناء على العموم معه للتنافي بينهما - كما سبق - ومع احتمال النسخ لا يحرز التنافي بينهما، كي يتعين رفع اليد عن أصالة العموم.
نعم، يتجه بناء على ما سبق منه قدس سره في أول هذا الفصل من أن البيان المنفصل مانع من انعقاد الظهور التصديقي لكلام الشارع، حيث يكثر اعتماده على القرائن المنفصلة، مخالفا بذلك طريقة العرف من استيفاء بيان المراد والغرض بالكلام من دون اعتماد إلا على القرائن المتصلة.
لكن سبق أن كثرة القرائن المنفصلة في كلام الشارع لا تستلزم اعتماده عليها وخروجه عن طريقة العرف بنحو يمنع العثور عليها من انعقاد الظهور لكلامه.
بل كثرة القرائن المنفصلة في كلام الشارع فرع المفروغية عن عدم النسخ، الذي هو محل الكلام هنا، إذ لو كانت الخصوصات المنفصلة الكثيرة ونحوها من الظهورات القوية ناسخة للظهورات الضعيفة أو منسوخة بها لم تكن منافية لها ولا قرائن على التصرف فيها، ليتسنى البناء على اعتماده عليها وخروجه عن طريقة العرف في ذلك.
ولعل الأولى في دفع إشكال احتمال النسخ أن العمدة في البيانات الشرعية هي الاخبار الصادرة عن الأئمة المعصومين (ع)، وهي ظاهرة في كون مضمونها الاحكام الثابتة من عصر النبي (ص)، فإن ذلك هو الذي يقع موردا للسؤال من السائلين، فإن النسخ منهم (ع) وان كان ممكنا، إلا أنه مغفل في مقام السؤال والجواب، ولذا تضمن كثير من النصوص الاستشهاد بكلام النبي (ص) من الامام أو استفسار السائل عن وجه الجمع بين الجواب وما روي عنه (ع)