هما من مورد الحكومة العرفية وان كانا متقومين بالمشاركة في الحكم والمخالفة فيه، ولذا كانا مبنيين على النظر له - كما سبق - إلا أنهما كثيرا ما يردان في الافراد المشتملة على خصوصية تناسب أحد الامرين، كتنزيل الطواف منزلة الصلاة المناسب لمسانخته لها في نحو العبادية، وتنزيل المطلقة رجعيا منزلة الزوجة، المناسب لبقاء العلقة فيها، ونفي العلم عن غير العامل بعلمه المناسب لانتفاء الأثر المقصود من العلم عنه، ونفي السهو في النافلة المناسب لعدم أهميتها، أو عن كثير الشك المناسب للزوم العسر من جريان أحكامه فيه، أو عن الامام أو المأموم مع حفظ الاخر، المناسب لوجود الامارة المرجحة لاحد طرفي الشك وغير ذلك مما يشتمل مورده على خصوصية مناسبة لعموم الحكم أو قصوره.
وكذا الرفع في مثل الصبا والحرج والضرر والاكراه مما يكون مناسبا عرفا للتخفيف، فإن الأدلة المذكورة حيث كانت منبهة للمناسبة المذكورة ولجري الشارع على مقتضاها كان ظهورها في خصوصية موردها أقوى من ظهور الدليل المحكوم في خصوصية عنوانه في فعلية الحكم، المستلزم لثبوته في مورد الدليل الحاكم.
ولو فرض ورود الألسنة المذكورة في مورد خال عن المناسبة العرفية، بحيث يكون مقتضاه تعبديا متمحضا في نفي الحكم أو ثبوته، فلا يبعد فقده للخصوصية المقتضية للتقديم، بل يكون كسائر موارد التخصيص أو التقييد، كما لعله في مثل قولهم (ع): " لا صلاة إلا بطهور " (1)، و: " من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له " (2). بل لعله غير منظور لهم في اصطلاح الحكومة، ويختص نظرهم بالقسم السابق.
(1) الوسائل ج: 1 باب: 1 من أبواب الوضوء حديث: 1.
(2) الوسائل ج: 4 باب: 2 من أبواب القيام من كتاب الصلاة حديث: 1.