طرق آخر من أصول عقلائية أو غيرها، فلا مانع من شمول إطلاق دليل الحجية لهما معا، مع تقديم الحاكم، لتقدمه رتبة.
نعم، قد يكون مفاد الحاكم منافيا لمقتضى الطرق الأخرى التي يرجع إليها في استفادة الحكم من المحكوم لولا الحاكم، كأصالة عدم القرينة، أو عدم النقل، أو الجهة، أو نحوها.
فإن كان واردا عليها - كما هو الحال في الأصول المذكورة - فلا إشكال، والا كان معارضا لها بدوا ولزم الرجوع للقواعد المرعية من الجمع بينها وبينه أو ترجيح أحدهما أو التساقط، كما هو الحال لو تضمن أحد الخبرين تكذيب الاخر وعدم صدوره عن المعصوم (ع) فإن الكلام وان لم يتضمن صدور نفسه، فلا ينافي الدليل المكذب لصدوره، إلا أن سنده لما كان متكفلا باثبات صدوره كان منافيا للدليل المكذب لذلك، ومن الظاهر أن الدليل المكذب لا ينهض برفع موضوع السند، ولا برفع موضوع حجيته، فيتعارضان.
وتوهم عدم التعارض بينهما، لان التكذيب لما كان صادرا عن المعصوم الذي يقطع بصدقه، فلا مجال معه لحجية السند الحاكي عن الصدور.
مدفوع بأن القطع بصدق المعصوم لا يوجب القطع بكذب ما ورد تكذيبه عنه، لان صدور التكذيب وإرادة ظاهره ليسا قطعيين، فينهض سند الخبر الذي ورد تكذيبه بمعارضتهما، ويتعين التساقط. فلاحظ.
وأما الحكومة العرفية التي هي موضوع تمثيلهم ومحل كلامهم فقد وقع الكلام في وجه التقديم فيها في فرض اختلاف مقتضى الحاكم عن مقتضى المحكوم.
وقد وجهه بعض الأعاظم قدس سره بعدم التنافي بين مفاد الحاكم ومفاد المحكوم، لان المحكوم إنما يثبت الحكم على تقدير وجود موضوعه - كما هو مفاد القضية الحقيقية - من دون أن يتكفل باثبات الموضوع، لينافيه الدليل