هذا القسم إلى بيان قضية تشريعية تستند للحاكم بالحكم المنظور إليه، كجريان أحكام الصلاة على الطواف وعدم جريان أحكام السهو على السهو في النافلة ورفع الاحكام الضررية، ولا أثر لها لو استندت لغيره، بخلاف القسم الأول، فإن مرجعه إلى بيان أمر واقعي يمكن أن يكشف عنه كل أحد من دون خصوصية للحاكم فيه.
الثالث: أن يستقل كل من الدليلين في بيان ما يتكفله من دون نظر من أحدهما للاخر ولا للحكم الذي تضمنه، ويكون مدلول أحدهما منافيا لمدلول الاخر بدوا، وان امتاز أحدهما بخصوصية تقتضي أقوائية دلالته بنحو يكون قرينة عرفا على المراد من الاخر - وإن لم يسق لذلك - فيقدم عليه في مقام العمل، فيخرج الاخر معه عن الحجية في مورد التنافي، ليخرج بذلك عن التعارض على ما سيأتي توضيحه، كالعام والخاص وغيرهما من موارد تعارض الظاهر والأظهر.
وتقديم الأقوى وان كان راجعا إلى تفسير الأضعف به وتعيين المراد الجدي منه بسببه، إلا أنه ليس لسوقه لتفسيره - كما في القسم الأول - ولا لنظره لمدلوله - كما في القسم الثاني - بل لمحض بناء العرف على ذلك، تبعا لمرتكزاتهم المعول عليها في فهم مراد المتكلم من كلامه والعمل عليه.
إذا عرفت هذا، فلا إشكال في خروج القسم الثالث عن الحكومة، وانما هي مرددة بين القسمين الأولين، لاضطراب كلماتهم في تحديدها ولا سيما شيخنا الأعظم الذي هو الأصل لهذا المصطلح، فقد قال قدس سره في مبحث التعارض:
" وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الاخر، ورافعا للحكم الثابت بالدليل الاخر عن بعض أفراد موضوعه، فيكون مبنيا لمقدار مدلوله ومسوقا لبيان حاله متفرعا عليه ".
وقد يظهر من ذلك اختصاصها بالقسم الأول، بل ببعض أفراده، وهو