موضوع حكمه أو لعدمه في عالم التكوين أو الاعتبار.
ولنخص الثاني باسم الورود الظاهري، فرقا بينه وبين الأول، الذي هو المتيقن في الجملة من مصطلحهم في الورود.
ثم إن ارتفاع الموضوع ظاهرا واحراز عدمه في الصورة الثالثة وإن استند لدليل التعبد، إلا أنه لا بد أن يكون الرافع له واقعا نفس المجعول المتعبد به، وهو الحكم الشرعي المحرز به، كالحكم بخروج المال عن الملك ببيعه الذي يكون رافعا لوجوب الزكاة المأخوذ فيه الملكية. ومن هنا قد يتوسع وينسب الورود لنفس الحكم، ويراد منه الورود الواقعي، وان كان الورود في مصطلحهم نسبته بين الدليلين لا بين الحكمين.
وقد يكون ذلك بين حكمين من الطرفين، بأن يكون كل منهما مقيدا بقيد يرفعه الاخر، ويعبر عنه بتوارد الحكمين، كما لو تعلق النذر ونهي الام بشئ واحد، فإنه حيث يعتبر في انعقاد النذر رجحان المنذور يكون عموم مرجوحية معصية الام محرزا لارتفاع موضوع وجوب الوفاء بالنذر، كما أنه حيث يعتبر في مرجوحية معصية الام أن لا يكون متعلق أمرها محرما شرعا يكون عموم وجوب الوفاء بالنذر محرزا لارتفاع موضوع مرجوحية معصية الام.
ولا مجال للترجيح بالأهمية وما يشبهها، ككون أحد الحكمين الزاميا دون الاخر، لأنه مختص بتزاحم التكليفين في ظرف إحراز ملاك كل منهما تبعا لتمامية موضوعه، ويتعذر ذلك في المقام، لان التوارد بين الحكمين مستلزم لارتفاع موضوعيهما معا في المرتبة اللاحقة لتحقق عنوانيهما، فلا يحرز ملاكاهما، ليقع التزاحم بينهما، وأهمية أحدهما ثبوتا لا تقتضي إحرازه إثباتا مع عدم تحقق موضوعه.
إن قلت: عدم تمامية موضوعيهما في المرتبة اللاحقة لحدوث عنوانيهما ومقتضييهما إنما يمنع من فعليتهما في هذه المرتبة، أما في المرتبة الثالثة