كما أن الجهة المذكورة بعينها تقتضي تقديم الدليل المحقق لموضوع حكم الدليل الاخر، الذي هو أحد فرضي الصورة الأولى من الصورة المتقدمة، لان الحكم كما لا يقتضي تحقق موضوعه لا يقتضي عدمه، فكما لا يكون الدليل الرافع للموضوع منافيا له لا يكون الدليل المحقق له منافيا له، بل يكونان معا متقدمين عليه رتبة. ومن ثم قد يحسن تعميم اصطلاح الورود لذلك أيضا.
كما قد يحسن تعميمه للصورتين الأخيرتين من تلك الصور أيضا اللتين فيهما كون أحد الدليلين محرزا لموضوع حكم الدليل الاخر أو لعدمه ظاهرا، لنظير الوجه المذكور، فإن دليل جعل الحكم كما لا يقتضي تحقق موضوعه ولا عدمه، كذلك لا يقتضي إحراز أحد الامرين، فلا ينافي الدليل المحرز لاحد الامرين.
ولعل إلحاقهما بالورود أولى من إلحاقهما بالحكومة (1) - وإن كان لا مشاحة في الاصطلاح - لان التعبد بالموضوع وإن كان مستلزما للتعبد بحكمه، إلا أنه لا يبتني على النظر للحكم ولا لدليله الذي هو المعيار في الحكومة بقسميها الآتيين.
ولا فرق في ذلك بين الصورتين، لان أثر الدليل هو إحراز الموضوع أو عدمه ظاهرا المشترك بينهما، لا تحقيق الموضوع أو رفعه واقعا، ليقصر عن الصورة الثانية، بلحاظ استناده فيها للسبب التكويني، ويتجه إلحاقها بالتخصص، بناء على مقابلته للورود، على ما سبق، بخلاف الثالثة التي فرض فيها كون موضوع الحكم خاضعا للجعل والاعتبار.
وعلى هذا يكون الورود عبارة عن كون أحد الدليلين رافعا لموضوع حكم الاخر أو محققا له واقعا في عالم الجعل والاعتبار، أو محرزا ظاهرا لتحقق