وتسالمهم على العمل به يوجب صحة الاعتماد عليه. ولا سيما مع كون نقلة الاجماع المذكور من أعاظم علمائنا وأكابر فقهائنا ولهم المقام الرفيع في الضبط والاتقان والتثبت. قدس الله تعالى أرواحهم ورفع منازل كرامتهم وجزاهم عنا أفضل الجزاء ".
لكن لا مجال للاعتماد على دعوى الاجماع في ذلك بنحو تنهض بالحجية، لصدورها من المتأخرين مع عدم تحرير المسألة في العصور الأولى المقاربة لعصور المعصومين عليهم السلام، ليكشف عن أخذها خلفا عن سلف منهم وعدم وضوح نحو الابتلاء بها في تلك العصور، لتستند دعوى الاجماع لوضوح الحكم بين الطائفة بسبب سيرتهم العملية، بل يحتمل عملهم بآراء الموتى، كما يأتي تقريبه في الجملة.
ولو فرض عدم عملهم بها فلعله لغلبة عدم اطلاعهم عليها، لعدم تعارف تحرير الفتاوى وضبطها، بل تصدر الفتاوى مشافهة، فلا يتيسر الاطلاع عليها بعد موت المفتي لغير من شافهه بها من نقلها له إذا لم يطرأ عليهم النسيان والتضييع، إلى غير ذلك مما يمنع من الاطمئنان، بل من الظن، باستناد دعوى الاجماع من المتأخرين إلى تسالم العلماء على الحكم، أو سيرة المتشرعة بنحو يكشف عن رأي المعصوم عليه السلام.
ولا سيما مع ظهور بعض كلماتهم في وجود الخلاف في المسألة أو عدم تحقق الاجماع بوجه قاطع، فعن الشهيد الأول في الذكرى نسبة الخلاف للبعض.
وحمله على العامة - كما عن الشهيد الثاني - بعيد جدا، ولا سيما مع كونه المعروف بينهم، فلا يناسبه التعبير بالبعض.
ومثله قول المحقق الثاني في الجعفرية في بيان ما يجب على المكلف:
" والرجوع إلى المجتهد - ولو بواسطة، وان تعددت - إن كان مقلدا. واشترط