ومنه يظهر حال ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من أن القدرة دخيلة في موضوع التكليف.
فإنه إن أراد به دخلها في موضوع الغرض لتكون من قيود التكليف شرعا.
فهو ممنوع جدا في غير موارد التقييد الشرعي بها، كما يظهر بأدنى تأمل في المرتكزات العرفية والشرعية، وكذا لو أراد به دخلها في معلق الغرض، بحيث تكون قيدا في المكلف به لا في التكليف، كما يظهر منه في مسألة الضد. لما ذكرناه هناك من دفع ما تشبث به.
وان أراد به توقف فعلية التكليف عليها، لامتناع جعله عقلا بدونها وان كان الغرض فعليا لتمامية موضوعه، واطلاق متعلقه. فهو في محله، ورجع إلى محض الاصطلاح في معنى الموضوع، ولا مشاحة فيه.
وإن كان التفصيل الذي ذكرناه هو الأنسب بلحاظ اختلاف الآثار العملية بين القسمين - تبعا للاختلاف بينهما ارتكازا الموجب لصدق الفوت في الثاني دون الأول، كما سبق - حيث يختلفان..
أولا: في عدم قابلية المقتضي في الصورة الأولى للتقرب، لعدم تعلق الغرض به، بخلاف الملاك في الثاني " حيث يكون قابلا للتقرب به تبعا لفعلية الغرض، كما يظهر مما ذكروه في مسألة الضد من إمكان التقرب بالمهم حتى بناء على امتناع الترتب، لأنه نظير المقام.
وثانيا: في أنه يجوز للمكلف في الصورة الأولى إحداث ما يرفع التكليف - بتحقيق المزاحم للمقتضي - كما يجوز له الاخلال بسائر ما هو الدخيل في موضوع التكليف، لان التكليف لا يقتضي حفظ موضوعه، أما في الصورة الثانية فلا يجوز له ذلك، لان التكليف تبعا للغرض يقتضي حفظ متعلقه، فيقتضي حفظ القدرة عليه، فلا يجوز للمكلف تعجيز نفسه عن الامتثال قبل الوقت، فضلا عما بعده.