وهو - مع عدم وضوحه في نفسه - مستغنى عنه بما ذكرنا، فلا مجال لإطالة الكلام فيه.
هذا، والانصاف أن غلبة عدم دخل القدرة في الغرض وكونها آلة لتحصيله يوجب ضعف ظهور التقييد بها لفظا في دخلها فيه، وقرب حمله على متابعة ما هو المرتكز من دخلها في الفعلية، بحيث قد يحتاج بيان دخلها في الغرض إلى مؤنة في البيان، وليست كسائر القيود التعبدية التي يفهم من مجرد التقييد بها دخلها في الغرض.
ولذا يكثر من العرف التسامح في التقييد بها مع عدم دخلها في الغرض، نظير تسامحهم في التقييد بالعلم، حيث يكثر ابتناؤه على ارتكاز طريقيته وتنجيز متعلقه الذي يتوقف عليه، من دون أن يكون دخيلا في موضوع الحكم ثبوتا.
إذا عرفت هذا كله ظهر لك حقيقة التزاحم الحكمي الذي هو محل الكلام والفرق بينه وبين التزاحم الملاكي، فإن التزاحم الملاكي يكون في مورد الاجتماع والتزاحم بين المقتضيات المتنافية الآثار، التي لم يحرز في كل منها بلوغه مرتبة يكون موردا للغرض الفعلي المقتضي لجعل الحكم على طبقة، فلا تكون موضوعا للطاعة ولا المعصية، فلا يجب موافقة أحدها تخييرا، ولا الترجيح بينها بالأهمية، لان المقتضي بنفسه لا يقتضي الموافقة عقلا ما لم يحرز فعلية الغرض على طبقه، كما لا مجال لاستكشاف تعلق غرض المولى بالمقتضيين تخييرا أو تعيينا، لامكان إدراكه المانع من جعل كلا الحكمين.
نعم، لو علم بعدم المانع من ذلك وبجعل الحكم على طبق أحدهما كشفت أهمية أحدهما عن تعلق الغرض به تعيينا وجعل الحكم على طبقه، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح، فيكون ملاك عمل المكلف هو الحكم المستكشف من فرض فعلية الغرض، لا نفس المقتضي في مرتبة اقتضائه.