الموجبة لجعل الاحكام والاغراض الداعية له، التي لابد منها فيه، كسائر الأفعال الاختيارية ، حيث لا تصدر عن فاعلها إلا لغرض يدعو إليها، ولا يظهر من الأشاعرة إنكار ذلك، فلا يمنع ما ذكرنا من فرض التزاحم على مختارهم.
وحينئذ فعدم جعل الحكم إن كان لعدم المقتضي له خرج عن محل الكلام، وان كان في ظرف وجود المقتضي له فهو يكون..
تارة: لقصور المقتضي عن التأثير في جعل الحكم لوجود المزاحم له في مرتبة سابقة على جعله، ولو كان هو مصلحة التسهيل على المكلف.
وهو راجع في الحقيقة إلى عدم تمامية موضوع التكليف، لان موضوع التكليف هو موضوع الغرض الداعي لجعله، فكل ما هو الدخيل في تعلق الغرض يكون دخيلا في التكليف ومقوما لموضوعه.
وأخرى: لعجز المكلف عن الامتثال في مرتبة لا حقة لفرض الجعل، فإنه وان كان مانعا من الجعل عقلا، لما تقدم من تقوم الأحكام التكليفية بالعمل، إلا أن مانعيته لا ترجع لقصور في المقتضي عن الداعوية لجعل الحكم ولا في تعلق الغرض به، بل لقصور المكلف في مقام الامتثال، مع تمامية موضوع التكليف تبعا لتمامية ما هو الدخيل في تعلق الغرض، نظير قصور المولى لو فرض عجزه عن الكلام أو الايصال، حيث قد لا يجعل التكليف حينئذ مع تعلق غرضه به.
ولذا يصدق الفوت في هذه الصورة بالإضافة لمتعلق التكاليف، ولا يصدق في الصورة الأولى بالإضافة إليه، وإن كان قد يصدق بلحاظ الجهة المقتضية له.
نعم، لو كان العجز موجبا لقصور المقتضي عن التأثير في الجعل ومانعا من تعلق الغرض به، كان من النحو الأول وكان مانعا من تمامية موضوع التكليف، كما هو الحال في جميع موارد تقييد التكليف بالقدرة شرعا، حيث تكون كسائر القيود الدخيلة فيه وفي تمامية ملاكه وتعلق الغرض به.