في بعضها أصلا والاقتصار في بعضها على صورة التكافؤ في خصوص المرجحات المنصوصة، كمرفوعة زرارة المتقدمة.
ومثله الاستدلال على ذلك بما في كلام بعضهم في وجه لزوم الترجيح من لزوم الاخذ بأقوى الدليلين.
فإنه إنما يتم لو أريد به ما هو الأقوى منهما بنظر الشارع، الراجع للزوم ثبوت الترجيح من قبله.
وأما لو أريد به ما هو الأقوى بنظرنا، لمرزية فيه توجب أقربية للواقع والظن بمطابقته له.
فهو نظير حجية الظن لا دليل عليه، بل الدليل على عدمه بعد فرض تساوي الدليلين بالنظر لأدلة الحجية الشرعية، وأدلة التخيير والتوقف.
فلا معدل عما يظهر من النصوص من لزوم الاقتصار على المرجحات المنصوصة وعدم التعدي عنها، الذي سبق في صدر المبحث أنه المطابق للأصل والقاعدة المعول عليهما في المقام.
بقي في المقام أمران..
الأول: أن المعيار في التعدي عن المرجحات غير المنصوصة على ما يوجب أقربية مضمون أحد الخبرين للواقع وأبعدية الاخر عنه، سواء كان داخليا قائما بالخبر - كالنقل باللفظ وقرب السند - أم خارجيا حجة بنفسه - كالعموم - أو لا - كالشهرة - لان ذلك هو الذي تقتضيه الوجوه المتقدمة لو تمت.
أما ما لا دخل له بالأقربية للواقع، كموافقة الأصل، وأولوية الحرمة من الوجوب فالوجوه المذكورة تقصر عنه، بل لابد في الترجيح به من دليل اخر، وهو غير ظاهر، فإن دليل الأصل إنما يقتضي كونه مرجعا بعد تساقط المتعارضين، لا مرجحا لأحدهما، كما أن أولوية الحرمة من الوجوب لو تمت مختصة بما إذا علم بثبوت أحدهما من دون حجة على كل منهما، على ما سبق الكلام فيه في مبحث الدوران بين الوجوب والحرمة، وهو إنما يتم مع العلم