الاقتصار على المرجحات المنصوصة، بل لا يبعد استظهاره من جميع القدماء الذين لا طريق لمعرفة آرائهم إلا النصوص التي يروونها ويثبتونها في كتبهم، ولا أقل من عدم إمكان نسبة العموم إليهم.
على أن بعض ما نقل عمن صرح بذلك منهم راجع إلى بعض الوجوه الاعتبارية التي لا تصلح للاستدلال، ولا يظهر منهم ابتناء ذلك على التعبد الشرعي الذي قد يخفى علينا ويستكشف من إجماعهم، حتى ظن بعض المتأخرين - في ما حكي عنه - ابتناء ذلك منهم على متابعة طريقة العامة.
وإن كان الأنسب حمل ذلك منهم على الاحتياط في تحري أقرب الدليلين للواقع بعد بنائهم على التخيير وعدم تساقط المتعارضين، مع الغفلة - بسبب الانس بارتكازية ذلك - عن ورود إطلاقات التخيير وعدم وجوب الاحتياط معها.
ولعله لبعض ما ذكرنا أنكر ذلك غير واحد من المتأخرين، خصوصا المحدثين، قال في الحدائق: " وقد ذكر علماء الأصول من وجوه الترجيحات في هذا المقام بما لا يرجع أكثره إلى محصول، والمعتمد عندنا على ما ورد عن أهل بيت الرسول من الاخبار المشتملة على وجوه الترجيحات... ".
وبالجملة: لا مجال لدعوى الاجماع على التعدي عن المرجحات المنصوصة، فضلا عن الاستدلال به للخروج عن مقتضى الأصل المتقدم مع الشك في مرجحية بعض الأمور.
هذا، وقد حاول شيخنا الأعظم قدس سره إثبات ذلك من نصوص الترجيح بدعوى ظهور بعض الفقرات فيها في التعدي بالنحو المذكور.
منها: الترجيح بالأصدقية في المقبولة، وبالأوثقية في المرفوعة، لقضاء المناسبات الارتكازية بأن اعتبارهما ليس تعبديا محضا، كاعتبار الأعدلية والأفقهية، بل لان الخبر الواجد لهما أقرب للواقع في نظر الناظر من دون