الثاني: أن إعمال المرجح الجهتي لا يستلزم إلغاء أصالة الصدور في المرجوح، بل الغاء أصالة الجهة فيه لا غير، أما إعمال المرجح الصدوري فهو كما يستلزم إلغاء أصالة الصدور في أحدهما يستلزم إلغاء أصالة الجهة فيه أيضا، لعدم الموضوع لها معه، ورفع اليد عن أصالة الجهة وحدها أولى من رفع اليد عن الأصالتين معا.
وفيه: أن سقوط أصالة الصدور بسبب إعمال المرجح الصدوري وان استلزم سقوط أصالة الجهة، إلا أنه ليس لعدم الموضوع لها، لان الترجيح الصدوري لا يقتضي التعبد بعدم صدور المرجوح، وانما يقتضي عدم التعبد بصدوره - كخبر الفاسق - من دون إلغاء لاحتمال صدوره الذي هو موضوع أصالة الجهة، بل لأجل عدم الأثر للتعبد بجهة ما لا يتعبد بصدوره، وهو جار في أصالة الجهة أيضا، لعدم الأثر للتعبد بصدور ما لا يتعبد بجهته.
على أن رفع اليد عن أصالة الجهة لعدم الموضوع لها مع إلغاء أصالة الصدور - لو تم - ليس مخالفا للأصل، ليلزم تقديم المرجح الجهتي، لعدم منافاته لعموم دليلها، وإنما المخالف للأصل هو رفع اليد عنها مع تحقق موضوعها، كما لا يخفى.
الثالث: أنه يجب المحافظة على أصالة الصدور مهما أمكن أخذا بعموم دليلها، وان لزم رفع اليد عن الجهة، نظير رفع اليد عن ظهور الظاهر مع معارضته بالأظهر، حيث يقدم على الترجيح الصدوري بينهما.
ويندفع: بأن المحافظة على أصالة الصدور ليست بأولى من المحافظة على أصالة الجهة مع عموم دليلهما وتحقق موضوعهما.
ولا مجال لقياسه بحمل الظاهر على الأظهر، لان ذلك لما كان بمقتضى الجمع العرفي، لكون الأظهر قرينة على المراد من الظاهر، فرفع اليد عن ظهور الظاهر لا يبتني على طرح عموم حجية الظهور، بل على قصور دليله عن المورد