عبارة عن التعهد والالتزام النفساني (1)، ولازم هذا المسلك الالتزام بأن المدلول الوضعي للألفاظ مدلول تصديقي لا تصوري، وعليه فلا مناص من تفسير الانشاء بما يتضمن القصد والإرادة، باعتبار أن مدلوله الوضعي تصديقي لا تصوري، و من هنا فسر (قدس سره) الانشاء بقصد إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج، و مسلكه (قدس سره) في باب الوضع وإن كان لا يقتضي تفسيره بذلك، فإنه إنما يقتضي تفسيره بما يكون مدلول الانشاء مدلولا تصديقيا، وأما إنه عبارة عن قصد إبراز الأمر الاعتباري النفساني فهو لا يقتضي ذلك، إذ كما يمكن تفسيره بذلك يمكن تفسيره بقصد إيجاد المعنى باللفظ، إلا أنه (قدس سره) حيث يرى بطلان التفسير الثاني، فلهذا فسره بالأول، ولكن قد ذكرنا في باب الوضع مفصلا أن تفسير السيد الأستاذ (قدس سره) الوضع بالتعهد والالتزام النفساني غير صحيح، والصحيح أنه عبارة عن جعل اللفظ للمعنى خارجا وكان جادا في ذلك الجعل والقرن بينهما بغرض حصول العلقة والاختصاص على تفصيل هناك، فلهذا يكون المدلول الوضعي للفظ مدلولا تصوريا لا تصديقيا، وعلى هذا فالجملة الانشائية موضوعة بإزاء معنى فانيا في مصداق يرى بالنظر التصوري أنه يتحقق بنفس الجملة، كما أن الجملة الخبرية موضوعة بإزاء معنى فانيا في مصداق يرى بالنظر التصوري أنه مفروغ عنه، وقد تقدم تفصيله.
وأما النقطة الثانية فيرد عليها أن إشكال تفكيك الانشاء عن المنشأ كما أنه قابل للدفع على ضوء نظرية السيد الأستاذ (قدس سره) في باب الانشاء، كذلك قابل للدفع على ضوء نظرية المشهور في هذا الباب أيضا، وذلك لأن المقصود من إيجاد المعنى باللفظ ليس إيجاده في الخارج لكي يقال أنه لا يمكن باللفظ لأنه