هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قد تقدم أنا لو سلمنا أن اعتبار القدرة في صحة التكليف إنما هو باقتضاء نفس الخطاب إلا أنه لا يقتضي اعتبارها في مرحلة الجعل والاعتبار لأن ملاك اقتضائه ذلك إنما هو داعويته ومحركيته وهذا الملاك إنما يتحقق في مرحلة الامتثال والفعلية لا مطلقا فإن الحكم في مرحلة الجعل لا يتصف بصفة الداعوية إذ ليس من هذه المرحلة جعل الداعي فحسب ولا مانع من جعله للعاجز إذا صار قادرا في مرحلة الامتثال ولا يقتضي الخطاب إلا أن يكون المكلف قادرا من حين الجعل إلى حين الامتثال وعلى هذا فمتعلق التكليف مطلق في مرحلة الجعل وإطلاقه في هذه المرحلة كاشف عن إطلاقه في مرحلة المبادئ ومن هنا قلنا أنه لا فرق بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو باقتضاء نفس الخطاب إذ كما أن العقل يحكم بأن المكلف لابد أن يكون قادرا في ظرف الامتثال وإلا لكان جعل التكليف عليه لغوا كذلك الخطاب فإنه يقتضي بأن المكلف لابد أن يكون قادرا في مقام الامتثال وإلا لزم دعوته نحو الممتنع وهي مستحيلة. هذا.
وثانيا أن ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من الوجه لإثبات أن الفرد المزاحم مشتمل على الملاك غير تام على مسلكه (قدس سره) من أن اعتبار القدرة في صحة التكليف إنما باقتضاء نفس الخطاب.
وثالثا أنه بناء على ما هو الصحيح من أن اعتبار القدرة إنما هو بحكم العقل على أساس قبح تكليف العاجز فيكون الفرد المزاحم مشتملا على الملاك و وافيا بغرض المولى وكذلك لو كان باقتضاء نفس الخطاب كما مر.
الوجه الثاني بالدلالة الالتزامية بدعوى أنها لا تتبع الدلالة المطابقية في الحجية وتقريب الاستدلال بها من وجوه:
الوجه الأول: ما ذكره جماعة من الأصوليين منهم المحقق النائيني (قدس سره)