من طريق ثبوت نفس هذه الأحكام فإذا كان متعلق الحكم مقيدا في مرحلة الجعل فلا طريق لنا إلى إثبات أنه مطلق في مرحلة المبادئ وعلى هذا فإذا اقتضى الخطاب كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة في مرتبته فلا طريق لنا إلى أنه مطلق في مرتبة سابقة وهي مرتبة المبادئ فإن الخطاب وإن لم يقتض تقييده في هذه المرتبة إلا أنه لا طريق لنا إلى إحراز أنه مطلق ومشتمل على الملاك كذلك، نعم ما ذكره (قدس سره) من الفرق بين ما إذا كانت القدرة مأخوذة في متعلق التكليف في لسان الدليل وما إذا كانت باقتضاء نفس الخطاب يتطلب دلالة الأول على أن القدرة دخيلة في الملاك في مرحلة المبادئ وفي الحكم في مرحلة الجعل وعدم دلالة الثاني على ذلك وإنما يدل على أن متعلقه حصة خاصة وهي الحصة المقدورة بملاك استحالة الدعوة نحو المحال وأما أن القدرة دخيلة في الملاك في مرحلة المبادئ أو غير دخيلة فيه في تلك المرحلة فلا دلالة له على ذلك لا نفيا ولا إثباتا باعتبار أن ملاك الدلالة والاقتضاء غير متوفر فيه.
والخلاصة: إن اعتبار القدرة في صحة التكليف إذا كان باقتضاء نفس الخطاب يختلف عن اعتبارها فيها إذا كان بأخذها في لسان الدليل فعلى الأول لا يقتضي الخطاب كون القدرة دخيلة في الملاك في مرحلة المبادئ وإنما يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة فحسب وعلى الثاني يدل على أنها دخيلة في الملاك.
إلى هنا قد تبين أن ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من أن متعلق التكليف مطلق وغير مقيد بالقدرة من جهة اشتماله على الملاك غير تام إذ لا طريق لنا إلى ذلك لأن الطريق منحصر بثبوت الحكم والمفروض أنه مقيد في مرحلة الجعل لا مطلق وعلى هذا فلا طريق لنا إلى اشتمال الفرد المزاحم على الملاك