وعلى هذا فإذا سقطت الدلالة اللفظية عن الحجية لم يثبت المدلول المطابقي فإذا لم يثبت فلا يكون هناك دال على المدلول الالتزامي وهذا معنى الدلالة الالتزامية تسقط بسقوط الدلالة المطابقية هذا.
والجواب: أن الملازمة بين المعنى المطابقي والمعنى الالتزامي ملازمة واقعية وهي الملازمة بين وجوديهما في الواقع فثبوت المعنى المطابقي واقعا يستلزم ثبوت المعنى الالتزامي كذلك ولا ملازمة بينهما في الثبوت التعبدي وعلى هذا فإن أريد أن الدال على المعنى الالتزامي خصوص ثبوت المعنى المطابقي واقعا فيرد عليه أنه غير ثابت بدليل الحجية العام لأن الثابت به إنما هو وجوده التعبدي لا الواقعي والمفروض أنه لا ملازمة بينهما فيه وإن أريد أن الدال عليه أعم من ثبوته واقعا أو تعبدا فيرده ما عرفت من أنه لا ملازمة بينهما في الثبوت التعبدي وأما الثبوت الواقعي فهو ليس مقتضي دليل الحجية العام فإذن ما هو ثابت بدليل الحجية لا ملازمة بينه وبين المدلول الالتزامي وما هو ملازمة بينه وبين المدلول الالتزامي فإنه غير ثابت به.
ومن هنا لا تكون الأصول المثبتة حجة مع أنها تثبت مداليلها المطابقية تعبدا فلو كانت الملازمة ثابتة مطلقا حتى بين ثبوت المعنى المطابقي تعبدا وثبوت المعنى الالتزامي كذلك لكانت الأصول المثبتة حجة أيضا ولم يكن فرق بينها وبين الأمارات من هذه الناحية فإذا كان الأثر الشرعي مترتب على ثبوت المدلول المطابقي أعم من الوجداني والتعبدي كان الأصل حجة ومثبتا له كالأمارة وأما إذا كان مترتبا على ثبوته الواقعي فلا يمكن إثباته بالأصل العملي لأنه لا يثبت مدلوله إلا تعبدا لا واقعا.
فالنتيجة أن المدلول المطابقي حيث أنه لا يثبت بدليل الحجية العام إلا تعبدا لا واقعا فلا يدل على ثبوت المدلول الالتزامي كذلك لعدم الملازمة