فإن الملازمة بينهما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأخص غير ثابتة وأما بنحو اللزوم البين بالمعنى الأعم فهي ثابتة وجدانا لأن كل من راجع إلى وجدانه يرى ثبوت الملازمة بين حب شئ أصالة وبغض تركه تبعا في نفسه.
وأما الكلام في الثاني أي الملازمة بين الأمر بشئ كالصلاة مثلا والنهي عن تركه في مرحلة الجعل والاعتبار فلا شبهة في عدم ثبوتها لأنه إن أريد بها الملازمة بينهما بصورة قهرية كالملازمة بين العلة والمعلول ففيه إنها غير معقولة لأن الحرمة أمر اعتباري لا واقع لها ما عدا اعتبار المعتبر وجعلها باختياره وإرادته في عالم الاعتبار والذهن فلا يعقل أن تتولد من اعتبار آخر كتولد المعلول من العلة التامة بدون اعتبار من معتبر لأنه خلف فرض أنه فعل اختياري مباشرة لا تسبيبا.
هذا إضافة إلى أن التسبيب والتسبب والتأثير والتأثر من آثار الموجودات التكوينية الخارجية ولا يتصور في الأمور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها في الخارج.
وإن أريد بها الملازمة بين جعل المولى الوجوب لشئ أصالة كالصلاة مثلا وبين جعله الحرمة لتركه تبعا.
ففيه أنها وإن كانت ممكنة ثبوتا إلا أنها مستحيلة وقوعا وذلك لأن جعل الحكم من المولى لا يمكن أن يكون جزافا وبلا نكتة تبرر جعله ولا نكتة في المقام تدعو إلى جعل الحرمة للترك تبعا لجعل الوجوب للفعل لفرض أنه لا مفسدة فيه لكي تدعو إلى الحرمة له وإلا لكانت الحرمة مجعولة مستقلا لا تبعا وهذا خلف وأما المصلحة القائمة بالفعل فهي إنما تدعو إلى جعل الوجوب له ولا تدعو إلى جعل الحرمة لتركه أيضا تبعا لأن الغرض من جعل الوجوب هو إيجاد الداعي في نفس المكلف وتحريكه نحو الفعل وهو يحصل بجعله وأما جعل الحرمة التبعية